راعي كنيسة شيكاغو: لقاء المسيح بـ «الخاطئة» كان مليئًا بالأسرار
07.11.2022 11:42
اخبار الكنيسه في المهجر Church News in Immigration Land
الدستور
راعي كنيسة شيكاغو: لقاء المسيح بـ «الخاطئة» كان مليئًا بالأسرار
حجم الخط
الدستور

قال القمص يوحنا نصيف، راعي كنيسة السيدة العذراء مريم للأقباط الارثوذكس، بولاية شيكاغو، بالولايات المتحدة الامريكية، إن حادثة لقاء المرأة الخاطئة بالسيّد المسيح فى بيت الفرّيسي، هي حادثة فريدة مملوءة بالأسرار.. إذا أردنا أن نقترب منها لكي نفهمها، فسيلفت نظرنا بعض المُفردات التي جاءت في حديث السيّد المسيح، إذ أنّ المرأة لم تتكلّم قطّ، لقد عبّرت فقط بدموعها وقُبلاتها وطِيبِها.

وأضاف، في دراسة له عن لقاءات السيد المسيح، نشر جزء منها عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:  جاء في حديث الربّ يسوع بعض المفردات الهامّة، مثل: الدَّيْن - الحُبّ - الإيمان - الغفران - الخلاص - السلام.. وكلّ كلمة تحتاج إلى الوقوف عندها كثيرًا والتأمُّل في معناها.

 


تبدو المرأة وقد جاءت للسيّد المسيح كمريضٍ، متألِّم، مُعَذَّب، مأسور بمرض لعين، يطلب الشفاء والراحة والحرّيّة والسلام.. فالخطيّة بالفِعل مرض خطير جدًّا يستعبِد الإنسان ويحطِّمه من الداخل والخارج، ويدمّر مشاعره وإرادته بالتدريج حتّى ينهار بناؤه تمامًا.. لقد أدركت هذه المرأة أنّها في وضع لا بد من تغييره، ولذلك تمسّكت بقدميّ السيّد ولسان حالها يصرخ مع يعقوب أبّ الآباء: "لا أُطلِقك إن لم تباركني".


يبدو لي أنّ توبة هذه المرأة قد بدأت في وقت سابق وظهرَت بقوّة في هذا الموقِف، وهذا يتوافق مع كلام السيّد المسيح عن الدَّيْن.. فقد تمتّعت هذه المرأة بحُبّ واهتمام الربّ بها وتحريرها من عبوديتها للخطيّة، وعندما كَسَرَ سلطان الشيطان عنها، أُسِرَتْ بحبّه وجاءت مُعترفةً بفضله.. لقد دفع المسيح ديونها، أو بالأحرى سامحها بما كانت مديونة به، فصارت مديونة لحبِّه.. فتملّك حُبّه على كيانها، وبدأت دموعها تفيض بغزارة عند رجليْهِ اللتيْن حرّرتاها من العبوديّة، وانطلق فمُها لا يكُفّ عن تقبيل قدميه.. لقد كانت هذه هي لغة الشكر والتمجيد التي استخدمتها للتعبير عن مشاعرها المغلوبة من محبّته.


كان شعورها بالدَّين الكبير الذي وفّاه المسيح عنها دافِعًا لها لكي تأتي بإيمان، وتطلب الغفران والمراحم بدموع غزيرة وقبلات لا تتوقّف، لتحنِّن قلب المُدَايِن، فنالت بالفِعل الغفران والخلاص والسلام.. وهذه هي التوبة بوجه عام؛ مكانها عند أقدّام المسيح، أسلوبها الخشوع والدموع والقبلات، وثمرتها الغفران والسلام والفرح.


الناموس لا يعرف غفران الخطايا، ولكن كنيسة العهد الجديد تعرف.. وهذا ما تقدِّمه لنا الكنيسة في كلّ صلاة ليتورجيّة نحضرها بتوبة وخشوع، إذ تصلِّي لنا التحليل في نهاية كلّ صلاة من أجل غفران خطايانا وتطهير حياتنا وملئها بالبركة الإلهيّة.


تَمَيّز سلوك هذه المرأة في تلك الحادثة بتواضُع عجيب، بدونه لم تكُن تقدر أن تفعل ما فعلته، فالتواضع صديق التوبة وسندها، بعكس الكبرياء الذي يعطّل دائمًا التوبة ويقف أمامها كحجر عثرة.. أيضًا نلاحظ أنّ المرأة كانت في حالة تركيز شديد على شخص المسيح العريس الحبيب، والطبيب الوحيد القادر على شفاء جراحاتها، فلا أعتقد أنّها رفعت نظرها إطلاقًا لترى شخصيّات المدعوّين المتّكئين في البيت.. وأخيرًا فهي قامت بتقديم أغلى ما لديها من دموع ثمينة وقُبلات حارّة وطِيب غالي الثمن، وحتّى شَعْرها الذي كان تاج جمالها صارت تمسح به قدميّ يسوع.


التلامس مع قدمي المسيح في التوبة المُنسحقة يجعل قلوبنا تتلامس مع حُبّه.. فنحن نحبّه لأنّه هو أحبّنا أوّلاً .. ولذلك في توبتنا نصلّي كلّ ليلة كما علّمتنا الكنيسة في صلاة نصف الليل: أعطِني يارب ينابيع دموع كثيرة، كما أعطيتَ منذ القديم للمرأة الخاطئة.. واجعلني مُستحقًّا أن أبِلّ قدميك اللتين أعتقتاني من طريق الضلالة، وأقدّم لكَ طيبًا فائقًا، وأقتني لي عُمرًا نقيًّا بالتوبة، لكي أسمع أنا ذلك الصوت الممتلئ فرحًا، أنّ إيمانك خلّصك.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.