
قبل ساعات قليلة من حسم مفاوضات الهدنة في غزة وتحرير المحتجزين، لا ينتظر الفلسطينيين سوى شئ واحد فقط وهو وقف إطلاق النار، ففي مدينة غزة شبه المدمرة كما في أنحاء القطاع كافة، نادرًا ما رفع السكان أعينهم عن شاشات هواتفهم أو أجهزة التلفاز، أو حتى عن أقاربهم وأصدقائهم الملمين بالأخبار، لأكثر من بضع دقائق، حسبما رصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وعبرت أم فادي معروف، من بلدة بيت لاهيا المدمرة شمالي القطاع، عن تفاؤلها بعد أن تابعت رد حركة حماس الإيجابي على آخر مقترح ترعاه الولايات المتحدة بشأن شروط وقف إطلاق النار.
وقالت السيدة الخمسينية التي اضطرت للنزوح تسع مرات منذ اندلاع الحرب: "أعتقد أن ذلك يعني أن الاتفاق سيعقد، أتمنى بشدة أن يتم، لأن هذا الوضع قد أرهقنا".
مخاوف من تعثر المفاوضات
وأكدت الصحيفة البريطانية، أنه رغم أن إسرائيل رفضت حتى الآن مطالب حماس بإجراء تعديلات على مسودة الاتفاق المكونة من 14 بندًا والتي تم تداولها الأسبوع الماضي، فقد أرسلت يوم الأحد وفدًا تفاوضيًا إلى قطر للمشاركة في محادثات غير مباشرة.
وتابعت أنه من المقرر أن يلتقي رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العاصمة واشنطن مساء اليوم الاثنين، وسط توقعات بأن ترامب يطمح إلى أن يكون هو من يعلن عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال هذه الزيارة.
وأضافت أنه في ظل مخاوف الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة من تعثر المفاوضات مجددًا، يعيش سكان غزة وخاصة المدينة التي تقع وسط القطاع حالة من الترقب الشديد والتوتر.
في ساعات الصباح الباكر، شوهد أطفال حفاة بألبسة ممزقة ووجوه مغبرة يسيرون في الشوارع المتشققة وهم يحملون قدورًا بحثًا عن طعام، أو ينبشون في أكوام القمامة بحثًا عن أشياء يمكن استخدامها كوقود.
وفي وقت لاحق، اتجه كثيرممن يعيشون في الخيام الخانقة نحو الساحل أملًا في الهروب من درجات الحرارة المرتفعة.
ورغم أن أصوات الغارات الجوية لا تزال تسمع من حين لآخر، إلا أنها بدت بعيدة وغير واضحة، بحسب ما أفاد به أحد سكان مدينة غزة.
وأضاف: لم نر طائرات، لكن سفينة حربية اقتربت من الساحل ولم تحدث مشاكل، ولم تطلق النار.
وتقول أم فادي معروف: "خلال الهدنة السابقة، لم أتوقع أن تعود الحرب. وعندما عادت، كان الشعور مأساويًا لا يوصف، فقدت شقيقتي في هذه الحرب، إضافة إلى نحو عشرين فردًا من عائلتي الممتدة. وأكبر مخاوفي اليوم هو أن أفقد أحد أطفالي أو إخوتي أو أقاربي".
بينما قالت شهد عاشور البالغة من العمر 19 عامًا، والتي استشهد خطيب شقيقتها قبيل الإعلان عن الهدنة الماضية، فقالت إنها تتعامل بحذر مع الأنباء الجديدة.
وأضافت: "أكبر مخاوفي الآن أن تكون أخبار وقف إطلاق النار غير صحيحة – مجرد شائعات – وأن تستمر الحرب والقتل، لدي أمل، لكنه ضئيل".
وأشارت الصحيفة إلى أن الأطفال أيضًا ليسوا بمنأى عن هذا القلق. لما المبيض، البالغة من العمر 12 عامًا، عبرت عن رعبها من أن تقتل أو تصاب أو تفقد طرفًا من جسدها.
وقالت: "كنت سعيدة جدًا خلال الهدنة الماضية، شعرنا ببعض الأمان، لكن عندما عادت الحرب، بكيت كثيرًا، لأن ذلك يعني عودة المعاناة من الخيام، وحرارة الصيف، والنزوح المتكرر".
وقال أحد العاملين في المجال الإنساني في مدينة دير البلح: "نحن نأمل في وقف إطلاق النار بالطبع، لكننا بحاجة لمعرفة كمية المساعدات التي ستدخل، وسرعة توزيعها، والجهة التي ستتولى ذلك هناك الكثير من الأسئلة التي لا تزال بلا إجابة".