المشرف الروحي لمعهد ديديموس للمرتلين قرابة 38 عامًا

تخرج على يديه مئات المرتلين و رفض الخدمة بالخارج

فاضت روحه بعد ساعات من ختام آخر عام دراسي يرأسه

أخر قداساته كان قبل أقل من 24 ساعة من نياحته

رحل عن العالمنا، صباح اليوم الجمعة 22 مارس، الراهب القمص ميصائيل المحرقي، عن عمر يناهز الـ 70 عامًا، وكان القمص الراحل يتولى مسؤولية المشرف الروحي لمعهد “ديديموس” للمرتلين بالدير المحرق، قرابة 38 عامًا.

ولد القمص ميصائيل المحرقي في يوم ٤ فبراير من عام ١٩٥٤، باسم عزت حكيم ميخائيل، في قرية “الحواتكة” التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، وكان أمينا لخدمة المرحلة الإبتدائية في إحدى كنائسها، وكان دائم التردد علي الدير المحرق في الثمانينات من القرن الماضي، و ترهب بالمحرق يوم ٨ إبريل ١٩٨٦، باسم ميصائيل المُحرقي، ونال نعمة الكهنوت في يوم ٢٤ مايو ١٩٩٥، ونال رتبة القمصية في يوم ١١ يوليو ٢٠٠٣.

وكان معهد ديديموس للمرتلين في بدايته تابعاً للكلية الاكليريكية بالدير من حيث الإشراف الروحي والمأكل والمشرب، على الرغم من سكنى الطلبة في مبنى خاص بهم.

ولما كان المعهد يحتاج إلى رعاية روحية مستمرة ائتَمَنَ نيافة الأنبا ساويرس، أسقف ورئيس الدير المحرق الراحل، الراهب ميصائيل المحرقي على مسؤولية الإشراف الروحي علي معهد ديديموس للمرتلين من بداية انتظامه في الحياة الرهبانية، وتولي بدءًا من يوم 5 نوفمبر 1986 مسؤولية الإشراف على المعهد وكان المعهد يضم وقتها 24 طالبًا في جميع الفرق من المبصرين والأكفاء “فاقدي البصر”.

و بذل القمص ميصائيل المحرق جهودًا مضنية للارتقاء بالمعهد وبطلابه، وكان لا يدّخر وسعًا في تهيئة الأجواء والظروف المناسبة للطلاب، وكان منهجه أن يجتهد قدر طاقته لتوفير اللازم رافضًا تحميل رئاسة الدير الأعباء، أو نيل الحاجات بالإلحاح.

و استقر في عهده المعهد عن الكلية الإكلريكية، واستقر في مبنى مستقل أقصى غرب الدير بجوار بيت الخلوة، وكان القمص ميصائيل يجتهد مع معارفه وبعض طلاب المعهد من المبصرين في توفير مايلزم للمعهد، لدرجة أنه كان يُكلف بعض معارفه بتجميع الغسالات الكهربائية، من مواتير وكيل ومكونات داخلية لتكون أقل تكلفة فيُمكن بذلك شراء عدد أكبر، حتى يستخدمها الطلاب أثناء إقامتهم بالمعهد، حيث أن الدراسة بالمعهد بنظام الدراسة الداخلية نحو خمسة أيام بالأسبوع، وبعض الطلاب من المناطق البعيدة عن الدير يمكثون بالمعهد عدة أسابيع متصلة لصعوبة السفر بالنسبة لهم.

كان القمص ميصائيل المحرقي يتمتع بشبكة علاقات كنسية واسعة، لا يستغلها إلًا في توفير أماكن الخدمة لأبناء المعهد من المرتلين أثناء فترة دراستهم، لذلك كان الطلاب يستقرون في أماكن خدمتهم من قبل تخرجهم بفضل سعي القمص ميصائيل، الذي كان يطلب لهم المرتب الملائم و يبحث عن المكان الأقرب لكل طالب من خريجي المعهد، الذين كانوا دائمي التواصل معه حتى بعد سنين طويلة من تخرجهم.ولما تعذر علي خريجى معهد ديديموس بالدير المحرق التمتع بعضوية “رابطة مرتلى الكنيسة القبطية الارثوذكسية بالقاهرة” والتى أنشأت في أواخر عهد قداسة البابا كيرلس السادس، أنبري القمص ميصائيل المحرقي لحل المشكلة التي تؤرق المرتلين بالصعيد وتحرمهم من مظلة نقابية أو جمعية ترعى حقوقهم مع كبر السن أو تمنح معاشًا للمسنين منهم.

و نجح القمص ميصائيل المحرقي في إشهار أول جمعية لخدمة المرتلين في الكنيسة القبطية، باسم جمعية “أنغام السماء للمرتلين”، وبعد إنهاء كافة الإجراءات القانونية تم إشهارها في أكتوبر من عام 2011، برقم إشهار : 1041، واشتري للجمعية مقرًا بقرية “رزقة الدير المحرق” وألحق بها مشغلًا.

عُرض علي القمص ميصائيل المحرقي الخدمة خارج الدير المحرق في العديد من الإيبارشيات ورفض وكان أمينًا في خدمته لأبنائه من المرتلين، و رُشِحَ في عهد البابا شنودة الثالث وحبرية الأنبا ساويرس، رئيس الدير، للخدمة بألمانيا بواسطة مذبح متنقل و اعتذر.

تردد فترة طويلة على دير الشايب بالأقصر أثناء حركة النهضة العمرانية بالدير وكان يُسلم رهبانه الطقوس والألحان.

أسس مكتبة لمعهد ديديموس للحفاظ على تراثه من التسجيلات للمرتلين المشاهير أمثال المرتل الراحل توفيق المحرقي، وبناء علي طلب من محبيه سجّل بصوته القداسات الثلاث التي تصلي بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية “الباسيلي، الغريغوري، الكيرلسي”.

وضع كافة الأنظمة الدراسية والمناهج والامتحانات بمعهد ديديموس، و استحدث فكرة تنظيم رحلة كنسية لأبناء المعهد في نهاية الفصل الدراسي الأول من كل عام.

خلال مدة خدمته و بعد نواله نعمة الكهنوت في عام 1995، قبل القمص ميصائيل المئات أبناءًا في سر الإعتراف، بينهم مرتلين ومحبي للألحان وعلمانيين كُثر .

كان آخر قداس يُشارك بهد هو قداس يوم الخميس 21 مارس، قبل نياحته بأقل من 24 ساعة، وتوفي بعد ساعات من حفل ختام السنة الدراسية الأخيرة التي يشرف عليها.

نعي قداسة البابا تواضروس الثاني، و نيافة الأنبا بيجول، أسقف ورئيس الدير المحرق، ونيافة الأنبا أقلاديوس، أسقف ورئيس دير الأنبا باخوميوس الشايب، القمص ميصائيل المحرقي، وتقرر الصلاة عليه في الخامسة من مساء اليوم الجمعة 22 مارس بكاتدرائية العذراء مريم بالدير المحرق .