
أكد عدد من الخبراء والسياسيين أن القمة العربية- الإسلامية التى ستعقد فى الدوحة غدًا الأحد وبعد غدٍ الإثنين، قد تكون فارقة فى مسيرة العمل المشترك لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية التى لا تتوقف بحق دول المنطقة، وآخرها العدوان المباشر على قطر عبر غارات جوية، واعتراف الاحتلال الإسرائيلى بهذا الأمر.
وقال الخبراء، لـ«الدستور»، إن على القمة أن تتخذ إجراءات قوية فى مواجهة حكومة الاحتلال الإسرائيلية، ورأوا أن الرد العسكرى مستبعد، لكن ذلك لا يمنع من أن هناك حلولًا يمكن أن تمنع إسرائيل من مواصلة عدوانها على دول المنطقة.
خالد عبدالمجيد: توحيد الموقفين العربى والإسلامى فى اتجاه الضغط على الدول الكبرى
قال خالد عبدالمجيد، الأمين العام السابق لجبهة النضال الشعبى، إن استضافة قطر قمة عربية- إسلامية «فرصة مفصلية» تتطلب مواقف حاسمة، وإجراءات عملية تتجاوز بيانات الإدانة التقليدية.
ورأى عبدالمجيد أن انعقاد القمة يأتى فى ظل «تراكمات خطرة» حدثت خلال العامين الماضيين، تضمنت تصعيدًا إسرائيليًا طال دولًا وشعوبًا عربية وإسلامية، ووصلت إلى محاولة اغتيال قيادات فلسطينية داخل قطر.
وأضاف أن الأزمة الراهنة بدأت بتصعيد إسرائيلى مدعوم بغطاء أمريكى، معتبرًا أن السياسات الإقليمية التى تنتهجها حكومة بنيامين نتنياهو وحلفاؤه فى واشنطن، دخلت مرحلة تحول استراتيجى تهدف إلى «إخراج القضية الفلسطينية من سلم الأولويات»، وتوطين ترتيبات جديدة للمنطقة تقوم على محاور «مشروع الشرق الأوسط الجديد».
وأوضح أن هذا المشروع ترافق مع «صفعة» للأنظمة العربية والإسلامية، التى راهنت على مسارات تطبيع وصفقات أُبرمت فى السنوات الأخيرة؛ دون موقف رادع أمام الانتهاكات.
وطالب القمة بأن تلتفت إلى «العجز الواضح» فى مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن الإدانات الدولية لاعتداءات عديدة لم تصل إلى تسمية الفاعل أو اتخاذ خطوات رادعة، بسبب ما اعتبره هيمنة أمريكية على مواقف هذه المؤسسات.
ودعا القمة العربية الإسلامية إلى اتخاذ «حد أدنى» من التحرك الفعلى، مثل طرد السفراء الإسرائيليين من العواصم التى أقامت علاقات مع «الكيان»، وتعليق العمل بالاتفاقات المبرمة أو أى ترتيبات تطبيعية أخرى، وقطع الطريق أمام أى محاولات تطبيع جديدة.
واعتبر أن هذه الإجراءات، ليست بالضرورة خطوات عسكرية، لكنها تشكل إشارات سياسية وقانونية قوية تُظهر جدية الموقف العربى والإسلامى.
كما نادى بضرورة توحيد الموقف العربى والإسلامى فى اتجاه الضغط على دول كبرى، بما فيها روسيا والصين والدول الأوروبية، لتوسيع دائرة الموقف الدولى الرافض الاعتداءات، وتعزيز محاور دبلوماسية تضغط على الإدارة الأمريكية لتعديل تصرفاتها أو على الأقل وقف دعمها غير المشروط لما يقوم به الجانب الإسرائيلى.
وذكر أن الولايات المتحدة، إذا رغبت، «قادرة على وقف الحرب وكبح جماح إسرائيل»، لكن ذلك يتطلب إرادة دولية متوازنة ومواقف عربية وإسلامية فاعلة تضغط على مراكز القرار.
كما رفض الدعوة إلى مواجهة عسكرية مباشرة، واعتبرها غير واقعية فى ظل توازنات القوى الحالية، لكنه أصر على أن غياب الخيار العسكرى لا يبرر الفراغ السياسى والأمنى، قائلًا: «هناك مسارات إدارية ودبلوماسية وقانونية يمكن أن تُستخدم لتقويض قدرة الاحتلال على الاستمرار فى سياساته العدوانية»، مشددًا على أهمية فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وتجميد اتفاقات تعاون عسكرى وأمنى مع الكيان.
وأشار إلى احتمال تحرك إسرائيل نحو عقد اتفاقيات مع دول إقليمية أخرى، واعتبر أن هناك محاولات لإعادة رسم خرائط اقتصادية وسياسية فى المنطقة لصالح مشروع لا يعترف بالحقوق الفلسطينية.
وقال إنه لا بد من «قطع الطريق» أمام مثل هذه التسويات، من خلال إجراءات حاسمة تُظهر تحفظًا واضحًا على أى مسار يترتب عليه تفريغ القضية الفلسطينية من محتواها السياسى والإنسانى.
أيمن الرقب: الانفتاح على القوى الإقليمية بالمنطقة لتحقيق التوازن
اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول العدوان الإسرائيلى كشفت عن «وقاحة غير مسبوقة» من قبل ممثل دولة الاحتلال، الذى لم يكتفِ بتبرير الضربة على قطر، بل لوّح صراحة بإمكانية تكرار الهجمات على أى دولة عربية ما دامت تستضيف قيادات من حركة حماس.
وقال «الرقب» إن تلك التصريحات تمثل تصعيدًا خطيرًا يزيد من التحديات المطروحة أمام القمة العربية الطارئة فى الدوحة، مشددًا على أن غياب آليات رادعة سيجعل المنطقة عرضة لمزيد من الاعتداءات.
وأشار إلى أن الموقف الأمريكى بات واضحًا فى هذه المرحلة، إذ منح ضوءًا أخضر للاحتلال لارتكاب عدوانه، رغم وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة داخل قطر التى استهدفتها الضربة الإسرائيلية الأخيرة.
ورأى أن الحديث عن عدم مشاركة واشنطن فى العملية «مضلل»، وأن «تواطؤها بات بيّنًا»، وأنها «لا ترغب فى إنجاح أى مسار تفاوضى أو تهدئة».
ودعا «الرقب» لأن تبحث القمة العربية مسارين أساسيين، هما: الانفتاح على إيران والقوى الإقليمية فى المنطقة، بما يحقق توازنًا استراتيجيًا فى مواجهة الاحتلال وحلفائه، وتعزيز التعاون مع روسيا والصين، خصوصًا فى المجالات العسكرية، ولكن دون الدخول فى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
وأضاف: «القواعد الأمريكية، بعد الضربة الأخيرة، أثبتت أنها لا توفر الحماية للدول المضيفة ولا تشكل رادعًا حقيقيًا أمام الاحتلال، ما يجعل الحاجة ملحّة لإعادة النظر فى الوجود العسكرى الأجنبى فى المنطقة».
صلاح عبدالعاطى: وقف مسار التطبيع لتناقضه مع واقع الاحتلال
أكد صلاح عبدالعاطى، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين «حشد»، إن الاجتماع الطارئ المشترك بين منظمة التعاون الإسلامى وجامعة الدول العربية ينعقد فى ظرف استثنائى بعد العدوان الإسرائيلى على قطر واستهداف أحد مقرات حركة حماس، وفى ظل استمرار الاحتلال فى سياساته العدوانية ضد شعوب المنطقة، خاصة فى قطاع غزة الذى يواجه حرب إبادة جماعية منذ نحو عامين، أوقعت آلاف الضحايا وخلّفت دمارًا هائلًا ونزوحًا قسريًا للفلسطينيين.
وشدد «عبدالعاطى» على أن القمة المقبلة يجب ألا تكتفى ببيانات الإدانة، بل تترجم إلى خطوات عملية، أبرزها تطبيق القرارات السابقة للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى وفرض مقاطعة شاملة على إسرائيل؛ باعتبارها دولة عدوان تهدد الأمن والسلم الإقليمى والدولى.
كما طالب بفرض عقوبات ووقف مسار التطبيع الذى يتناقض مع واقع الاحتلال وممارساته التى تكشف عن غياب أى نية لتحقيق سلام عادل.
وأشار إلى أهمية إعادة تقييم العلاقات مع الولايات المتحدة فى ضوء دعمها المتواصل لإسرائيل، داعيًا إلى استخدام أوراق الضغط المتاحة، وفى مقدمتها سلاح النفط والاستثمارات للضغط على واشنطن من أجل وقف تغطيتها السياسية والعسكرية لجرائم الاحتلال.
كما شدد «عبدالعاطى» على ضرورة التحرك على المستويين الدبلوماسى والقانونى لضمان محاسبة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، إلى جانب بحث تشكيل قوة سلام «عربية- إسلامية» وتفعيل اتفاقيات الدفاع العربى المشترك.