احتفالية كنائس زويلة بذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر.. بعنوان “قناة سيزوستريس”
10.06.2025 05:25
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
وطنى
احتفالية كنائس زويلة بذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر.. بعنوان “قناة سيزوستريس”
Font Size
وطنى

انطلقت احتفالية كنائس زويلة الأثرية بتذكار دخول العائلة المقدسة أرض مصر، من كنيسة العذراء مريم بحارة زويلة، في الأول من يونيه، تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وشريكه في الخدمة الرسولية نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، بعنوان “قناة سيزوستريس”
وبدأت بموكب مهيب من فريق الكشافة لأيقونة العائلة المقدسة، ثم دخول نيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل أسقف وسط القاهرة وسط ألحان من شمامسة الكنيسة.

<iframe id="aswift_5" style="box-sizing: border-box; margin: 0px; padding: 0px; border-width: 0px; border-style: initial; font: inherit; vertical-align: baseline; max-width: 100%; left: 0px; position: absolute; top: 0px; width: 744px; height: 0px;" tabindex="0" title="Advertisement" src="https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?gdpr=0&client=ca-pub-2350747023090620&output=html&h=280&adk=3934359868&adf=1374904074&pi=t.aa~a.2816640267~i.3~rp.1&w=744&abgtt=11&fwrn=4&fwrnh=100&lmt=1749553841&num_ads=1&rafmt=1&armr=3&sem=mc&pwprc=6337266504&ad_type=text_image&format=744x280&url=https://www.wataninet.com/2025/06/احتفالية-كنائس-زويلة-بذكرى-دخول-العائ/&fwr=0&pra=3&rh=186&rw=744&rpe=1&resp_fmts=3&wgl=1&fa=27&uach=WyJXaW5kb3dzIiwiMC4xLjAiLCJ4ODYiLCIiLCIxMDkuMC41NDE0LjEyMCIsbnVsbCwwLG51bGwsIjMyIixbWyJOb3RfQSBCcmFuZCIsIjk5LjAuMC4wIl0sWyJHb29nbGUgQ2hyb21lIiwiMTA5LjAuNTQxNC4xMjAiXSxbIkNocm9taXVtIiwiMTA5LjAuNTQxNC4xMjAiXV0sMF0.&dt=1749550282360&bpp=32&bdt=37547&idt=32&shv=r20250609&mjsv=m202506050101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie=ID=53071e9b16645bb5:T=1735911773:RT=1749550727:S=ALNI_MYY7n1pDSRzY_N7rBSvIsEQW9dK3g&gpic=UID=00000f907e12d866:T=1735911773:RT=1749550727:S=ALNI_MZdYrQpQqKgJr6g4zxYdSiaTmyv8A&eo_id_str=ID=949833c0d8176a34:T=1739535141:RT=1749550727:S=AA-AfjZHK5e2JzkAzRF-b9zD-wbI&prev_fmts=0x0,1140x280,345x280&nras=2&correlator=8222892100565&frm=20&pv=1&u_tz=120&u_his=1&u_h=768&u_w=1366&u_ah=728&u_aw=1366&u_cd=24&u_sd=1.1&dmc=4&adx=436&ady=1618&biw=1226&bih=568&scr_x=0&scr_y=0&eid=31092113,31092885,31092895,31092899,95332927,95353387,95362436,42533294,95362797,95359265,95362807,95363075,95360295,95360804&oid=2&pvsid=6863773418138056&tmod=882973417&uas=0&nvt=1&ref=https://www.wataninet.com/category/الكنيسة/أخبار-كنيسة-الكنيسة/&fc=1408&brdim=0,0,0,0,1366,0,0,0,1242,568&vis=1&rsz=||s|&abl=NS&fu=128&bc=31&bz=0&psd=W251bGwsbnVsbCxudWxsLDNd&pgls=CAEaBjUuNy4xMg..~CAEQBg..&ifi=6&uci=a!6&btvi=2&fsb=1&dtd=M" name="aswift_5" width="744" height="0" frameborder="0" marginwidth="0" marginheight="0" scrolling="no" sandbox="allow-forms allow-popups allow-popups-to-escape-sandbox allow-same-origin allow-scripts allow-top-navigation-by-user-activation" data-google-container-id="a!6" data-google-query-id="CPOrjb_Q5o0DFSEKogMdFmkelg" data-load-complete="true"></iframe>


جاء هذا الاحتفال ليس للذكرى التاريخية فقط، بل نحيي مساراً إلهيا، نعيد إليه الاهتمام والاعتبار لنجعل من مصر منارة روحية وسياحية، يتتبع فيها العالم أجمع خطوات السيد المسيح حيث مر وبارك وحيث سكن وعم السلام.

 

وعنوان هذا اليوم يحمل عبق التاريخ قناة سيزوستريس معبر البركة، هي أول قناة مائية حفرها الفراعنة والقدماء المصريين ثم تطورت وتوسع وتلتها قنوات أخرى كان من أشهرها الخليج المصري الذي أصبح يعرف اليوم بشارع بورسعيد، وهذا الخليج كان شاهدا على عبور العائلة المقدسة من المطرية إلى هذه البقعة المقدسة منطقة زويلة ثم تحركت إلى منطقة مصر القديمة..

وخلال الحفل تم عرض فيلماً وثائقياً عن كنائس زويلة الأثرية، الذي تكلم عن تاريخ الكنيسة منذ بناها الحاكم زينون في القرن الرابع الميلادي حتى يومنا هذا وعلاقتها بزيارة العائلة المقدسة لها، وكذلك وجود الكرسى البابوي فيها مدة 360 عاماً. ومن جانب أخر عرض الأستاذ ميخائيل بهيج قصيدة من الشعر بعنوان “السماء والنيل تعانقا”.. وتخلل فقرات الحفل عرض مجموعة من الترانيم والألحان من خورس الشمامسة بالكنيسة بألاته من العوض والكمان وغيرهم.

وفي كلمة القمص مرقس زكي – كاهن كنيسة العذراء مريم الأثرية بحارة زويلة، حيث رحب بالحضور في هذه المناسبة المباركة، وقال أنه في هذه الاحتفالية سوف نستمع لكلمات عن نهر النيل شريان الحياة بمصر الذي تبارك بارتحال العائلة المقدسة فيه، والذي له نصيبا كبيرا في صلوات كنيستنا القبطية الأرثوذكسية حيث نطلب أن يبارك الرب في مياهه ويصعدها كمقدارها في كل حين.

وقرأ أبونا مرقس على الحضور قصيدة شعرية كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي عن النيل، فيقول:
النيل العذب هو الكوثر والجنه شاطئه الأخضر
ريان الصفحة والمنظر ما أبهى الخلد وما أنضر
البحر الفياض القدس الساقي الناس وما غرسوا
وهو المنوال لما لبسوا والمنعم بالقطن الأنور
جعل الإحسان له شرعاً لم يخل الوادي من مرعى
فترى زرعاً يتلو زرعاً وهنا يجني وهنا يبذر
جارٍ ويرى ليس بجار لأناة فيه ووقار
ينصب كتل منهار ويضج فتحسبه يزأر
حبشي اللون كجيرته ومن منبعه وبحيرته
صبغ الشطين بسمرته لوناً كالمسك وكالعنبر

 

القمص مرقس زكي – كاهن كنيسة العذراء مريم الأثرية بحارة زويلة

 

تحدث المهندس مينا إبراهيم، مسؤول اللجنة الأثرية والسياحية بكنائس زويلة، عن قناة سيزوستريس التي تُعد أول قناة مائية ربطت البحر الأحمر بالمتوسط عبر النيل، وحفرها الملك سنوسرت الثالث لتسهيل التجارة. جرى تطوير القناة عبر العصور على يد ملوك مثل نخاو الثاني والإسكندر الأكبر وبطليموس الثاني. وقد مرت القناة بمنطقة زويلة، التي استراحت فيها العائلة المقدسة خلال رحلتها المقدسة.
في العصر الروماني، جدد الإمبراطور طرادان القناة لتصل من فم الخليج حتى العباسة، لكنها أُهملت لاحقًا في العصر البيزنطي. أعاد ترميمها عمرو بن العاص بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، وسُميت بـ”قناة أمير المؤمنين”، ثم رُدمت بأمر الخليفة أبو جعفر المنصور لأسباب سياسية.
تغير اسم القناة مع مرور العصور من الخليج الفاطمي إلى الخليج الحاكمي ثم الخليج المصري. ومع إنشاء قناة السويس ومد أنابيب المياه بالقاهرة، فقد الخليج أهميته وتحول إلى مكب نفايات. وفي عام 1898 تم ردمه رسميًا وتحول إلى شارع الخليج المصري، ثم إلى شارع بورسعيد بعد ثورة 1952.
كان الخليج يمتد بطول 46 كم ويشبه في منظره مدينة فينيسيا، وكان يعبره الناس عبر قناطر مهمة مثل قنطرة الموسكي. كما اكتُشف صهريج أثري عام 2022 كان يملأ بمياه الخليج.
وختم حديثه من داخل كنيسة العذراء مريم بحارة زويلة، أقدم كنائس القاهرة، والتي استراحت بها العائلة المقدسة وكانت مقرًا للكرسي البابوي. وناشد بإطلاق اسم “شارع العائلة المقدسة” على الجزء الممتد من ميدان باب الشعرية حتى الموسكي، تخليدًا لمرور العائلة المقدسة بهذا المكان المبارك.

 

المهندس مينا إبراهيم، مسؤول اللجنة الأثرية والسياحية بكنائس زويلة

 

وجاءت كلمة القس متياس عبد الصبور، تحدث فيها عن مكانة نهر النيل في نظر الكنيسة القبطية، مؤكدًا أن الكنيسة تعلّم أبناءها احترام النهر وتقديره، وتذكره في صلواتها الطقسية كشريان للحياة في مصر.
وأوضح أن النيل يزود البلاد بـ98% من المياه، وأن جفافه في الماضي كان سببًا في مجاعات شديدة، ما يعكس أهميته في تشكيل الهوية والانتماء المصري. تناول القس دور النيل في الفن القبطي، حيث يظهر في أيقونات العائلة المقدسة محاطًا بالحياة والطبيعة، كما استشهد بتمثال نحته فنان مصري عام 2021 يجسد النيل كرمز للخير والعطاء.
كما أوضح أصول تسمية “النيل” في اللغات المختلفة، وربطه باحتفالات عيد النيروز وعيد النقطة الذي يحتفل به الأقباط مع عيد الملاك ميخائيل. وأشار إلى الصلوات الكنسية الخاصة بالنيل، مثل صلاة القداس “اذكر يا رب مياه النهر…”، وطقس اللقان المرتبط بالماء في أعياد الكنيسة، خاصة عيد الغطاس.
كما تحدّث عن مقاييس النيل التي كانت تستخدم لضبط مستويات المياه وتحديد أسعار السلع والضرائب. وختم بأن النيل مصدر للوحدة الوطنية والفرح، يجمع حوله المصريين جميعًا بروح العائلة الواحدة.

 

القس متياس عبد الصبور

 

ومن جانبه عبّر الأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف، مساعد وزير الآثار، عن سعادته بأن يتزامن الاحتفال بذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر مع الحديث عن نهر النيل، مؤكدًا أنه قضية قومية تمس كل المصريين.
وأوضح أنه أشرف سابقًا على ملف مسار العائلة المقدسة في وزارة الآثار، وشهد الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة رغم التحديات التي واجهت المشروع، والتي تم تجاوزها.
وأكد أهمية الإسراع في التنفيذ ووضع المسار على الخريطة السياحية لمصر. وأشار إلى أن الاحتفال الرسمي يُقام في الأول من يونيو، لكن المسار الذي يمتد من رفح إلى درنكة يسمح بإحياء الذكرى على مدار العام في كل نقطة من نقاطه.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن مصر هي الدولة الوحيدة التي استضافت السيد المسيح والعائلة المقدسة، وهو حدث فريد يحمل أبعادًا دينية وتراثية وسياحية، ويُعد مصدر فخر لكل المصريين، مشيرًا إلى المكانة الرفيعة للسيدة العذراء مريم في القرآن الكريم، بوصفها “أطهر نساء العالمين”.

 

الأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف، مساعد وزير الآثار

 

وفي كلمة المستشار عدلي حسين رئيس جمعية تنمية التراث، ورئيس الأورومتوسطي ومحافظ القليوبية والمنوفية الأسبق، بعنوان “البعد الحضاري والإنساني لهذا المسار” تحدث المستشار عدلي حسين، رئيس جمعية تنمية التراث، عن أهمية مسار العائلة المقدسة من الناحية الحضارية والإنسانية، موضحًا أن الجمعية أُنشئت لتوفير الإطار القانوني للعمل على هذا المشروع القومي، وسُجلت رسميًا بوزارة التضامن الاجتماعي.
أشار إلى أن مصر نالت تشريفًا إلهيًا بزيارة السيد المسيح والعائلة المقدسة، وهو ما لم تحظ به دول أخرى، مؤكدًا أن هذا الحدث له أبعاد دينية وتاريخية وسياحية كبرى. وذكر أن البابا فرنسيس بارك المشروع واعتبره مسارًا للحج الكاثوليكي، كما أيده شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، مما يعكس دعمًا دينيًا مشتركًا.
أوضح أن الجمعية أعدّت تصورًا مبدئيًا لتطوير سبع نقاط رئيسية على المسار لتكون مؤهلة للزيارة والحج، بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية والمحافظات المعنية.
كما أعلن تأييده لمقترح كنائس زويلة بتسمية الشارع المجاور باسم “شارع العائلة المقدسة”، مؤكدًا رفع الطلب رسميًا للجهات المختصة.
واختتم بدعوة إلى اعتماد الأول من يونيو عيدًا قوميًا مصريًا، تخليدًا لذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر.

 

المستشار عدلي حسين رئيس جمعية تنمية التراث، ورئيس الأورومتوسطي ومحافظ القليوبية والمنوفية الأسبق

 

وجاءت كلمة الأستاذ نادر جرجس – رئيس لجنة العائلة المقدسة في المنطقة الروتارية، بعنوان “أهمية المسار في دعم الدخل القومي” حيث أوضح أهمية اسهام كل مصري لدعم الاقتصاد المصري بشكل إيجابي..
ولأن السياحة تمثل لمصر جانب كبير من الدخل القومي، نرجع لدراسة ما تنشره منظمة السياحة العالمية من معلومات وندرس الدول التي لديها منتجات سياحية تمثل مصر/ ومن الأرقام التي أعلنت عنها منظمة السياحة العالمية أن 27 % من السياحة حول العالم تمثل السياحة الدينية وتندرج تحت سياحة الجذور VFR – Visitors friends and relatives مثل أقباط المهجر الذين يعيشون في الخارج وتمر السنوات وأولادهم يقومون بزيارة مصر لمعرفة جزورهم.
ولذلك عندما بدأت الدولة تهتم بمشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، كان الهدف ترسيخ مكانة مصر لأحتضان الأديان الثلاثة وتوضيح للعالم كله التعايش السلمي بين شعوبها وإظهار طبيعة شعبها العظيم المضياف، ورسالة حب وسلام وطمأنينة للإنسانية في العالم وأيضا إضافة جديدة وطنية للمنتج السياحي المصري، وكذلك تنمية شاملة وتشجيع استثمارات جديدة بمواقع المسار والمساهمة الإيجابية الناتج القومي وتعظيم موارد النقد الأجنبي بما لا يقل عن 3 مليار دولار.
وعمل جرجس مقارنة بالأرقام السياحية العالمية مثل قرية لورد التي تحقق 8مليون زيارة سياحية في السنة بدخل 8 مليار يورو في السنة، وكذلك كنيسة سانت فاطيما في البرتغال تحقق 5.5 مليون سائح في السنة يعادل 5.5 مليار دولار ناتج قومي للبلد.. ومن البلاد القريبة منا وهي الأردن حيث نهر الأردن الذي اعتمد فيه السيد المسيح يزوره مليون ونصف زائر في السنة ليحقق دخل مليار ونص دولار.. وكل هذه الأمثلة وغيرها توضح أن هذه السلعة الدينية تحقق دخل كبير لبلادها، ونحن في مصر لدينا مسار كامل يمر في الكثير من المحافظات يمكن أن يحقق دخلاً قومياً لبلدنا.
وانتقل نادر إلى توضيح خطوات الحج الكاثوليكي إلى هذا المسار بدءا من مباركة البابا فرنسيس هذا المسار وزيارة مصر والإعلان عنه في رحلته لمصر، وما نتج عن ذلك من زيارات من الشركة الأم المسئولة عن السياحة الكاثويليكية بالفاتيكان وإدراج مسار العائلة المقدسة ضمن كتالوج الحج الكاثوليكي عام 2017 م، ووضح الطلبات التي وضعت من الشركات السياحية لضمان راحة الحجاج الكاثوليك، وجاري تجهيز تلك الطلبات أو الشروط بمجهود الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.. ومن هذه الخطوة استقبلنا 350 ألف حاج.
وتكلم أيضا عن زيارة مجموعة من المهتمين من المصريين بهذا المسار ومقابلتهم للبابا فرنسيس حيث بارك أيقونة العائلة المقدسة.
وأوضح دوره في المشاركة مع مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة باعداد استراتيجية مقترحة لهذا النمط من السياحة، وهو السياحة الدينية ممثلا في مسار العائلة المقدسة، كمنتج واعد ويمكن تحقيق ناتج قومي من النقد الأجنبي للدولة، ويزيد من عدد السياح الوافدين على مصر.
وفي خطة مصر لعام 2030، تستهدف مصر 30 مليون سائح سنوياً وهذا يتطلب طاقة إيوائية تستطيع استضافة هذا العدد.. ولذلك نحتاج العمل على إحياء هذا المسار وندرجه كأحد أهم الأنماط السياحية في مصر.

 

نادر جرجس – رئيس لجنة العائلة المقدسة في المنطقة الروتارية

 

ومن جانبه أكّد الأستاذ عبد المسيح ميشيل، مدير عام الآثار القبطية بوزارة السياحة والآثار، أن ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر تحمل أبعادًا روحية وتاريخية تتجاوز كونها مناسبة دينية، فهي تجديد لعهد المحبة والسلام، وتجسيد لمكانة مصر كأرض مباركة ومهد للديانات والحضارات. أشار إلى أن هذه الرحلة المقدسة وردت في الإنجيل والقرآن الكريم، حيث قال الرب في سفر إشعياء “مبارك شعبي مصر”، وجاء في القرآن “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”، ما يؤكد أن مصر لم تكن مجرد محطة عبور بل كانت ملاذًا اختاره الله، وهو ما يرفع من شأنها ويجعل من هذا المسار مقصدًا للحجاج من أنحاء العالم.
وأوضح أن وزارة السياحة والآثار تولي مسار العائلة المقدسة أهمية قصوى، وتعمل على إحيائه من خلال مشروع وطني شامل يشمل ترميم الكنائس والأديرة، ورفع كفاءة البنية التحتية، وتجهيز المواقع لاستقبال الزوار. ومن أبرز المشروعات المنفذة في هذا الإطار، مشروع خفض منسوب المياه الجوفية في مدينة أبو مينا الأثرية بالتعاون مع منظمة اليونسكو، بتكلفة بلغت 60 مليون جنيه، وهو ما جعل الموقع نموذجًا عالميًا في الحفاظ على التراث. وأضاف أن الوزارة تعمل بالتوازي على تطوير الطرق المؤدية إلى نقاط المسار، وإنشاء فنادق وخدمات لوجستية متكاملة لتيسير حركة الزوار، في إطار استراتيجية وطنية شاملة مدعومة بشكل مباشر من القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما أشار إلى خطة الوزارة لتسويق المسار عالميًا، من خلال إطلاق حملات دعائية إلكترونية موجهة إلى الزوار المسيحيين حول العالم، وإدراج المسار ضمن برامج الجولات السياحية، إلى جانب عرضه ضمن الأجنحة السياحية المصرية في المعارض الدولية، بهدف تعزيز مكانة مصر كمقصد رئيسي للسياحة الدينية. وانتقل الأستاذ عبد المسيح للحديث عن كنيسة العذراء بحارة زويلة، مؤكدًا أنها ليست فقط مكانًا للعبادة، بل تُعد متحفًا حيًا للفن القبطي، بما تضمه من مقتنيات نادرة تشمل أيقونات وكرسي كأس وقباب ومذابح خشبية مزخرفة تعود إلى قرون ماضية.
وأوضح أن الوزارة أجرت خلال السنوات الماضية مشروعات ترميم دقيقة للكنيسة، شملت دراسات علمية متعمقة وتحليلات للمواد التاريخية، باستخدام أحدث تقنيات الترميم، وشارك فيها فريق من أمهر المرممين المصريين بالتعاون مع مركز البحوث الأمريكي، خاصة في ترميم القبة الخشبية الملونة لمذبح الكنيسة الرئيسي، والتي تعود إلى القرن الثامن عشر. وأشاد بالدور الفاعل للتكامل بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني ومحبي التراث في إنجاح هذه الجهود، مؤكدًا أن الحفاظ على هذه الكنوز مسؤولية جماعية، وجزء لا يتجزأ من الحفاظ على الهوية الحضارية لمصر.
واختتم كلمته بتأمل رمزي مؤثر، مشددًا على أن مصر كانت أول أرض وطأتها قدما السيد المسيح، حيث أكل وشرب وتعلّم المشي على أرضها، قائلاً: “أول أرض احتضنت المسيح لن تُهمل، وأول من أطعمته لن يجوع، وأول من روى ظمأه لن يعطش، وأول من آواه ستظل ملاذًا آمنًا إلى الأبد”

 

الأستاذ عبد المسيح ميشيل، مدير عام الآثار القبطية بوزارة السياحة والآثار

 

أما الدكتور شريف اديب محافظ المنطقة الروتارية، أكّد أن ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر ليست مجرد حدث تاريخي، بل إرادة إلهية أعلنها الوحي منذ العهد القديم، في قول الكتاب: “من مصر دعوت ابني” و*“مبارك شعبي مصر”*. وأوضح أن إقامة العائلة المقدسة في مصر لمدة 47 شهرًا، وتدشين السيد المسيح لمذبح على أرضها، يمنحان هذا الوطن مكانة روحية فريدة.
وأضاف أن هذا الحدث يجب أن يملأنا فخرًا واعتزازًا كمصريين، ويحفّزنا جميعًا، مسلمين ومسيحيين، على دعم مسار العائلة المقدسة. واختتم بدعوته لاعتماد الأول من يونيو إجازة رسمية، تخليدًا لهذه الذكرى المباركة في وعي الأجيال

 

الدكتور شريف اديب محافظ المنطقة الروتارية

 

اختتم نيافة الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة وراعي الاحتفالية، بكلمة روحية عميقة، مؤكدًا أن الأول من يونيو ليس مجرد تاريخ، بل يوم عظيم يحمل بركة إلهية، إذ نستعيد فيه ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر، ونوجد في أحد الأماكن التي اختارها الرب بنفسه لتكون محطة من محطات هذه الرحلة المباركة.
استشهد نيافته بنبوة النبي إشعياء (19:1): “هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها”. وفسّر هذه النبوة وفق ما أورده الآباء الأوائل بأن “السحابة السريعة” ترمز إلى السيدة العذراء مريم، إذ إن السحابة تُستخلص من مياه البحر لكنها تُصفّى وترتفع، ما يرمز إلى نقاء العذراء وسموها، فهي من البشر لكنها فاقت الجميع واصطفاها الله.
وأوضح نيافته أن السيد المسيح لم يأتِ إلى مصر للهلاك أو الدينونة، بل بالسلام والخير، وهو ما تجلّى في سقوط الأوثان أينما حلّت العائلة المقدسة، إذ كانت الناس تطردهم من المدن فتتنقل العائلة من مكان لآخر. ومع ذلك، بقي أثر هذه الزيارة عميقًا في قلوب المصريين، حتى إن مجيء مارمرقس الرسول بعد نحو أربعين عامًا قابله شعب مستعد لقبول الإيمان المسيحي، فانتشر الإنجيل من الإسكندرية حتى النوبة. وأشار نيافته إلى نبوة أخرى لإشعياء: “يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخومها”. وأوضح أن “التخوم” تشير إلى حدود مصر في زمن النبي، أي الإسكندرية، وهو ما تحقق في كرسي مارمرقس الرسولي، الكرسي البابوي اليوم.
أما “المذبح في وسط الأرض” فيشير إلى المذبح الأثري في دير المحرق بأسيوط، حيث يُعتقد أن المسيح دشنه بنفسه، وفقًا لتقليد الكنيسة وكلمات السيدة العذراء للأنبا ثاؤفيلس.
وأضاف أن هذه النبوات كانت صادمة لليهود في زمنها، لأن الشريعة اليهودية كانت تحصر المذبح في أورشليم فقط، مما يُبرز خصوصية مصر في الخطة الإلهية، ويُظهر عظمة هذا البلد الذي احتضن الإله المتجسد.
وأكد نيافته أن وجود الكنائس في أماكن مرور العائلة المقدسة ليس صدفة، بل هو ثمرة البركة التي حملتها الرحلة. فكل موضع زارته العائلة صار كنيسة، وكل كنيسة صارت موضع صلاة، وهذه الصلوات هي التي تحفظ مصر وتبارك أرضها. فمصر محفوظة ليس فقط بتاريخها، بل أيضًا بصلوات أبنائها من المسيحيين والمسلمين، الذين يتضرعون بإخلاص.
واختتم كلمته بالإشارة إلى أن هذه الذكرى لم تعد محلية فقط، بل اتسعت لتأخذ بُعدًا عالميًا، حيث نجح الأقباط في الولايات المتحدة في الحصول على اعتراف من الكونغرس الأمريكي باعتماد الأول من يونيو يومًا عالميًا يُعرف بـ “اليوم القبطي العالمي” (Global Coptic Day)، تُقام فيه احتفالات وعروض تعريفًا بالحضارة القبطية المصرية، ومكانتها بين شعوب العالم.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.