تقرير حكومى يكشف تطورات قطاع الدواء العالمى وفرص تطوير السوق المصرية
14.07.2025 06:19
اهم اخبار مصر Egypt News
الدستور
تقرير حكومى يكشف تطورات قطاع الدواء العالمى وفرص تطوير السوق المصرية
Font Size
الدستور

أصدرمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا تحليليًا جديدًا تناول من خلاله أبرز ملامح قطاع الدواء عالميًا، مستعرضًا الاتجاهات الحديثة في السوق، والتجارب الدولية الناجحة، إلى جانب أهم السياسات والإصلاحات التي اعتمدتها بعض الدول في هذا المجال الحيوي، كما سلط التقرير الضوء على واقع السوق الدوائية المصرية وفرص تطويرها في ضوء التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية.

وأشار التقرير إلى أن قطاع الدواء يُعد أحد أهم محاور منظومة الرعاية الصحية في العالم، ليس فقط لدوره العلاجي، بل لما يمثله من أبعاد اقتصادية وتنموية، بدءًا من عمليات البحث والتطوير، مرورًا بالتصنيع والتوزيع، وصولًا إلى الاستخدام الآمن من قبل المريض. هذا القطاع لا يقتصر على إنتاج العقاقير، بل يشمل سلسلة مترابطة من مراحل التصنيع والمعالجة التقنية والتسويق والتصدير، ما يجعله أحد ركائز الأمن الصحي لأي دولة.

المشهد العالمي: أرقام ضخمة ونمو متسارع

وفقًا لما أورده المركز، بلغت قيمة سوق الدواء العالمية نحو 1.4 تريليون دولار في عام 2023، وتصدرت أمريكا الشمالية، التي تضم الولايات المتحدة وكندا، المشهد العالمي بحصة تبلغ 53.3%، متقدمة على أوروبا بنسبة 22.7%، ثم الصين 7.5%، تليها اليابان 4.3%، وأمريكا اللاتينية بنسبة 4.2%.

وتوقع التقرير، نقلًا عن مؤسسة "فيتش"، أن ترتفع مبيعات الأدوية عالميًا إلى نحو 1.7 تريليون دولار في عام 2025، بمعدل نمو سنوي يبلغ 5.3%. كما رجّح أن تواصل الأسواق المتقدمة هيمنتها على الحصة الكبرى بنسبة 64% من إجمالي المبيعات، في حين ستتفوق الأسواق الناشئة من حيث سرعة النمو بنسبة 6.3% مقارنة بـ4.4% في الدول المتقدمة، ما يعكس تحولًا تدريجيًا في مركز الثقل بسوق الدواء العالمية.

أما على مستوى الدول، فستحتفظ الولايات المتحدة بالصدارة في مبيعات الأدوية بقيمة 491.2 مليار دولار في 2025، تليها الصين بـ284.9 مليار دولار، ثم اليابان بـ100.4 مليار دولار. ومن اللافت أن الهند ستتجاوز إسبانيا في ترتيب الأسواق، بحجم مبيعات قدره 35.5 مليار دولار مقابل 34.8 مليارًا لإسبانيا، لتحتل الهند بذلك المركز التاسع عالميًا.

وفي المنطقة العربية والقارة السمراء، يُتوقع أن يصل حجم سوق الدواء في الشرق الأوسط إلى 36 مليار دولار بحلول 2028، وفي إفريقيا إلى 28 مليار دولار، ما يعكس أهمية التوسع الصناعي والتكنولوجي في هذا القطاع الحيوي.

دروس من التجارب الدولية: نماذج ملهمة للتنمية الصحية

لفت التقرير إلى أن العديد من الدول استطاعت بناء تجارب ناجحة في مجال تصنيع وتوزيع الأدوية، ومن أبرزها المغرب والهند والسعودية، حيث أظهر كل منها قدرة على تحويل تحديات القطاع إلى فرص للنمو، من خلال سياسات تنظيمية وتحفيزية مدروسة.

ففي المغرب، نجحت الحكومة في ترسيخ تجربة رائدة جعلت البلاد ثاني أكبر منتج للدواء في إفريقيا، وضمن الخمسة الكبار في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتصل الطاقة الإنتاجية السنوية إلى 450 مليون وحدة دوائية، فيما بلغت صادرات الأدوية نحو 158 مليون دولار في عام 2023.

وقد استندت هذه الطفرة إلى جملة من الإصلاحات، شملت إصدار أكثر من 20 نصًا تشريعيًا لتقنين وتنظيم الصناعة، إلى جانب تخفيض أسعار نحو 2000 دواء بنسبة تراوحت بين 20% و80%. كما عملت المغرب على تطوير منظومة التغطية الصحية الشاملة، من خلال دمج التأمين الإجباري عن المرض وبرنامج المساعدة الطبية في نظام موحد عام 2022، يتيح الوصول العادل للخدمات الصحية لجميع المواطنين.

أما الهند، فاستحقت لقب "صيدلية العالم" بفضل دورها الكبير في توفير الأدوية الأساسية واللقاحات عالميًا، خاصة خلال جائحة كوفيد-19. وأسست الهند إدارة مستقلة لتطوير القطاع في 2008، كما خصصت الحكومة أكثر من 120 مليون دولار للترويج لصناعة الأدوية في موازنة 2024 /2025، إلى جانب 156.5 مليون دولار لتطوير البنية التحتية الصناعية الدوائية.

وفي السعودية، التي تمثل أكبر سوق دوائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يُتوقع أن ترتفع مبيعاتها من الأدوية من 11.9 مليار دولار في 2024 إلى 22.1 مليار دولار في 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.5%. وأبرز ما ميّز التجربة السعودية هو إنشاء أول مصنع لأدوية الأورام في مدينة سدير الصناعية، وتأسيس شركة "لايفيرا" التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، إلى جانب إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية التي تهدف لتحويل المملكة إلى مركز عالمي في مجال التصنيع الحيوي واللقاحات.

مصر: طموحات تتجسد في مشروعات قومية وشراكات واعدة

أكد التقرير أن مصر تسعى بقوة للنهوض بقطاع الدواء كأولوية استراتيجية لتعزيز الأمن الصحي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعظيم فرص التصدير للأسواق الإقليمية والدولية.

فبحسب مؤسسة "فيتش"، يُتوقع أن ترتفع مبيعات الأدوية في مصر من 5.1 مليارات دولار في عام 2024 إلى 5.7 مليارات في عام 2025، على أن تصل إلى 6.8 مليارات دولار بحلول 2029، و7.8 مليارات دولار في 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6% حتى عام 2029، ثم 4.3% حتى عام 2034.

كما يُتوقع أن يرتفع نصيب الفرد من الإنفاق الدوائي من 44.6 دولار في 2024 إلى 58.8 دولار في 2034، مدفوعًا بسياسات الحكومة الهادفة إلى ضبط التسعير وتوسيع نطاق التغطية الصحية.

وشهدت السنوات الأخيرة مجموعة من الخطوات النوعية في هذا الاتجاه، أبرزها:

إنشاء مدينة الدواء "جيبتو فارما"، التي تُعد إحدى أكبر المشروعات القومية لتصنيع الأدوية في مصر، وتهدف إلى توفير دواء آمن وفعّال بجودة عالية، وتخفيض الاعتماد على الاستيراد.

تعديل قانون الاستثمار (رقم 72 لسنة 2017)، الذي قدّم حوافز ضريبية للمستثمرين في قطاع الأدوية تصل إلى خصم 30% أو 50% من التكلفة الاستثمارية وفقًا للموقع الجغرافي.

نجاح مصر في إنتاج وتصدير الأنسولين المحلي عبر شركة المتحدة التابعة لأكديما، التي بدأت تصدير هذا الدواء إلى كوبا، ما يمثل أول اختراق للأسواق الدوائية في أمريكا اللاتينية.

اختيار مصر لعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية، وهو ما يفتح المجال أمام تكامل صناعي دوائي إقليمي، ويُعزز فرص تصدير الدواء المصري إلى الدول الإفريقية.

نحو رؤية متكاملة لقطاع دوائي مصري أكثر تنافسية

اختتم مركز المعلومات تقريره بالتأكيد أن مستقبل قطاع الدواء في مصر والعالم سيظل رهنًا بالقدرة على التكيّف مع التحديات الصحية والاقتصادية الطارئة، وعلى رأسها الأوبئة والمخاطر البيولوجية.

ودعا التقرير إلى ضرورة تبني سياسات داعمة للبحث العلمي والابتكار، وتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فضلًا عن تعزيز التصنيع المحلي، وزيادة تنافسية المنتج المصري، وتحسين القدرة على النفاذ إلى الأسواق الدولية، خاصة الإفريقية والآسيوية.

 

فالدواء لم يعد مجرد سلعة خدمية، بل أصبح أحد أعمدة الأمن القومي، وأداة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، وضمان صحة المواطن المصري، في الحاضر والمستقبل.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.