
لقد تميزت الكنيسة الأولى في عصر الرسل بالتنظيم القوي والناجح؛ فمنذ حلول الروح القدس عليهم في يوم الخمسين؛ بدأوا في تقسيم أنفسهم إلى ست فرق أو مجموعات
وكما قال لوطني الباحث ماجد كامل
كان توزيعهم كالتالي:
1- الفرقة الأولي:- وتتكون من الآباء الرسل (بطرس ويعقوب البار ومتياس الذي حل محل يهوذا) وهي التي كرزت في مدن اليهودية.
2- الفرقة الثانية:- وتتكون من الآباء الرسل (فيلبس وبرثلماوس ويوحنا) وهي التي كرزت في آسيا الصغري.
3- الفرقة الثالثة:- وتتكون من الآباء الرسل (يهوذا وسمعان القانوي وتوما) وهي التي كرزت في بلاد ايران والهند
4- الفرقة الرابعة:- وتتكون من الآباء الرسل (اندراوس ويعقوب الكبير وبولس ولوقا الإنجيلي) وهي التي كرزت في بلاد أوربا المختلفة.
5- الفرقة الخامسة:- وتتكون من الآباء الرسل (متي ومرقس) وهي التي كرزت في مصر وأثيوبيا.
ولقد فتن الآباء الرسل العالم كله في كرازتهم؛ حتى أنه لم ينتهي القرن الأول الميلادي إلا وكانت الكرازة قد انتشرت في معظم أرجاء العالم المسيحي القديم.
ولقد ساعدت عوامل كثيرة علي سرعة نجاح الكرازة خارجية وداخلية؛ ولكن أهم عوامل النجاح كما أجمع معظم المؤرخون في العالم ؛هي سيادة القيم والمباديء المسيحية التي جمعت الآباء الرسل فيما بينهم من جهة؛ وفيما بينهم وبين جميع المؤمنين من جهة أخري؛ ومن بين هذه المباديء نذكر:-
1-المحبة:- ولعلها أعظم وأروع قيم المسيحية ؛ ولقد ظهرت المحبة في الملامح التالية:-
+ العطاء للمحتاجين
+إعالة المعلمين واخدام:- كما قال معلمنا القديس بولس الرسول “الفاعل مستحق أجرته ” ( 1 تي 5 : 18 ) كذلك أوصت به كتب وقوانين الآباء الرسل.
+ إعالة الأرامل والأيتام وهي واضحة جدا في رسالة معلمنا القديس يوحنا الرسول.
+ رعاية المرضي والعجزة والمقعدين بذكرهم في صلواتها وزيارت الخدام لهم ؛وسد احتياجاتهم المادية . ولقد ـأكدت كتابات كل من “القديس كليمندس الروماني” و”كتاب الراعي لهرماس” من كتابات الآباء الرسولين قد ركزت علي هذه النقطة.
+ العناية بالمحبوسين:- حيث قال معلمنا القديس بولس الرسول ” أذكروا المقيدين كأنكم مقيدين معهم ؛والمذلين كأنكم أنتم أيضا في الجسد ” ( عب 13 :3 ).
+ العناية بمن تحل عليهم عليهم الكوارث:- كقول معلمنا القديس بولس الرسول “ولكن تذكروا الايام السالفة التي فيها بعد ما أنرتم صبرتم علي مجاهدة آلام كثيرة، من جهة مشهورين بتعييرات وضيقات، ومن جهة صائرين شركاء الذين تصرف فيهم هكذا . لأنكم رثيتم لقيودي أيضا “(عب 10 : 32- 34 ).
+ ضيافة الغرباء:- كما ورد عنها في:
(رو 12 :13 ) “فرحين في الرجاء ، صابرين في الضيق ،مواظبين على الصلاة ، مشتركين في احتياجات القديسن ،عاكفين على إضافة الغرباء”.
(عب 6 10:) “لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو أسمه ،إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم”.
(1بط 4 : 9 ) ” كونوا مضيفين بعضكم لبعض بلا دمدمة”.
(3 يوحنا 5 : 8 ) ” أيها الحبيب أن تفعل بإخلاص كل ما تفعله نحو الأخوة ولا سيما الغرباء”.
+العناية بالكنائس الفقيرة أو التي يوجد بها خطر:-
( أع 11 : 27- 30 ) ” وفي تلك الأيام انحدر أنبياء من أورشليم غلى أنطاكية زوقام واحد منهم أسمه اغابوس نواشار بالروح أن جوعا عظيما كان عتيدا أن يصير على جميع المسكونة”.
(2 كو 8 : 1-5 ) “ثم نعرفكم أيها الأخوة نعمة الله المعطاة في كنائس مكدونية ، أنه في اختبار ضيقة شديدة فاض وفور فرحهم وفقرهم العميق لغنى سخائهم …… ملتمسين منا بطلبة كثيرة ، ان نقبل النعمة وشركة الخدمة التي للقديسين”.
(رو 15 :26) ” لأن أهل مكدونية وأخائية استحسنوا أن يصنعوا توزيعا لفقراء القديسين الذين في أورشليم”. …….. الخ.
+ سيادة مبدأ المحبة الأخوية:- Brotherhood
وهو المبدأ القائم علي وحدة الجنس البشري ؛ فجميعنا أبناء آدم وحواء ؛ولقد أكد علي هذا المبدأ معلمنا القديس بولس الرسول (أف 4 :1-6 ) ” أطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها بكل تواضع ووداعة وطول أناة ،محتملين يعضكم بعض في المحبة”.
(1كو16 :20 و21 ) وأما من جهة الجمع لأاجل القديسين ،فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا أفعلوا أنتم أيضا”.
و(1تس 5 :26 ) ” ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح ، ايها الأخوة صلوا لأجلنا ، سلموا على الأخوة جميعا بقبلة مقدسة ” ….. إلخ.
الزهد في العالم والعالميات:- وهي واضحة كأشد ما تكون الوضوح في الآية التي تقول “لا تحبوا العالم والأشياء التي في العالم (1 يو 2 :15) .
+ تقديس العمل:-
وهي واضحة جدا في الآية التي تقول ” وإنما أطلب إليكم أيها الأخوة أن تشتغلوا بأيديكم أنتم كما أوصيناكم ولا تكون لكم حاجة إلي أحد ” ( 1تس 4 :10- 12 ).
+ الطاعة للسلطات الزمنية:-
فلقد فصلت المسيحية بين الدولة والدولة ؛ كقول السيد المسيح له المجد “أعطوا ما لقيصر وما لله لله (مت 22 :21 ).
أما عن التنظيم المالي للكنيسة الأولي؛فلقد كانت القاعدة الذهبية التي قامت عليها هي “وكان كل شيء بينهم مشتركا ( أع 4 :32 ) ) ولم يكن فيهم أحد محتاجا ( أع 4 :34 ) . وكان التنظيم المالي للكنيسة قائما علي النحو التالي:-
1- كانت جميع التبرعات يأتي بها أصحابها ويضعونها تحت أقدام الرسل ؛فكان يوزع علي كل واحد كما يكون له احتياج ” ( أع 4 :34 و35 ) . ومعني هذا أنه كان يوجد صندوق عام تحفظ فيه الأموال كلها.
2- كان المحتاجون يأخذون المعونة من الكنيسة وليس الأفراد ؛ فكانوا بذلك يحفظون كرامة الفقراء.
3- كانت توضع الأموال تحت أقدام الرسل؛ وهذا يوضح نظرة الكنيسة الأولي للمال ؛فلقد كان تحت أرجلهم؛وذلك كناية علي ان شهوة حب المال لا تسيطر عليهم ؛فمن شروط الأسقف “إلا يكون طامعا بالربح القبيح . ولا محبا للمال ( 1تي 3 :3 ).
4- كانت الكنائس الأخري تتعاون مع كنائس أورشليم في سد احتياجات الكنيسة الأم . أنظر في ذلك ( رو 15 :26 ) “لأن اهل مكدونية واخائية استحسنوا أن يصنعوا توزيعا لفقراء القديسين الذين في أورشليم”.
5- (1كو 16 :1- 4 ) “”وأما من جهة الجمع لأجل القديسن فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا أفعلوا أنتم أيضا “.
6- يبدو أنه كانت سجلات منظمة تسجل فيها أسماء الذين يستحقون ويتقاضون الإعانات المالية ؛راجع في ذلك (1تي 5 :9 ) ” لا تكتب أمرأة في سجل الأرامل إلا التي بلغت ستين سنة وكانت زوجة لرجل واحد ، ومشهود لها بالعمل الصالح ،وربت أولادها تريبة حسنة، وأضافت الغرباء ،وغسلت أرجل القديسن وساعدت المنكوبين ، وقامت بكل عمل صالح”.
أما عن التنظيم الهيراركي للكنيسة الأولي فلقد كانت علي النحو التالي:-
1- الأسقف وعبر عنه بالكلمة اليونانية Episkopos ومعناها الناظر أو الرقيب ؛ولقد ذكر القديس بولس الرسول هذه الرتبة في رسالته الأولي إلي تيموثاوس.
2- القسيس؛ وتترجم أحيانا شيوخ؛ والكلمة اليونانية لها هي Presbyteros ؛ ولقد ذكرها القديس بولس الرسول في الرسالة الي تيموثاوس الأصحاح الخامس
3- الشماس ؛وهي كلمة سريانية؛والـأصل اليوناني لها هو Diakonos؛ ولقد ورد ذكرهم في الأصحاح السادس من سفر أعمال الرسل.
ولقد وردت درجات الكهنوت الثلاثة في جميع كتابات الآباء الرسوليين مثل:- القديس كليمندس الروماني ( 92- 101 م تقريبا) والقديس أغناطيوس الشهيد ( 105- 135م تقريبا) كما ورد ذكر خدمة الشماسات مثل الشماسة فيبي (رو 16 :1 ).