ننشر نص عظة البابا تواضروس في قداس القيامة
19.04.2020 16:28
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
وطني
ننشر نص عظة البابا تواضروس في قداس القيامة
Font Size
وطني

ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني، مساء أمس، في قداس ليلة عيد القيامة المجيد عظة روحية، تحمل السطور القادمة نصها:

أخرستوس إنستي اليسوس أنستي المسيح قام بالحقيقة قام، أهنئكم أيها الأحباء بعيد القيامة المجيد الذي نحتفل به بعد 55 يوم في الصوم المقدس وبعد أن قضينا أسبوع الآلام في الصلوات والقراءات الإنجيلية والكتابية ومع الألحان المعزية و رغم أن الظروف في هذا العام لم تسمح بالاحتفال الكامل في كنائسنا بسبب الإصابات الموجودة على مستوى العالم من جراء هذا الوباء وبلادنا أيضًا تتأثر به ولكننا احتفلنا به هذا العام احتفالًا روحيًا عائليًا ومنزليًا بصورة رائعة وصورة الاحتفال وكل أسرة في البيت ونتابع الصلاة من خلال شاشات التليفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي هي وسيلة قوية جدًا لبناء الفكر الروحي في الأسرة والمذبح العائلي وتجديد الحياة الروحية داخل البيت الواحد.

قام السيد المسيح في اليوم الثالث بعد الصليب وكانت قيامته كما هو ثابت تاريخيًا وجغرافيًا وكنسيًا والمواضع التي تشهد بالقيامة والشهود الذين حضروا وشاهدوا، وأثبتت هذا القيامة أن الحياة أقوى من الموت وأن الحب أسمى من الكراهية وأن الخير أقوى من الشر وأن الحق أسمى من الباطل، وقيامة السيد المسيح في اليوم الثالث ومن هذه الحادثة صار رقم ثلاثة له أثر هام جدًا في حياة الإنسان .

يقولون إن حياة الإنسان، هي ثلاثة أيام، يوم الميلاد، ويوم الوفاة، وبينهم يومًا طويل اسمه يوم الحياة، ويوم الحياة يوم طويل يصف منظومة الحياة الإنسانية وهذه الحياة فيها الليل يذهب ويأتي النهار وفيها أيضًا البذرة تموت في الأرض وتحيا لتأتي بثمر كثير وفيها أيضًا جيلًا يبني وجيلًا يجني وفيها أيضا دموع تنساب وأفراح تولد وهكذا الحياة فيها كل هذه الاختلافات ولكن أود أن أركز على نقطة واحدة أن حياة الإنسان مرتبطة بمخاوف كثيرة التي يواجها الإنسان عبر حياته، وهي مخاوف عديدة وتجعله في حالة من حالات الخوفن يخاف من الفشل، المرض، الموت، من وداع الأحباء من الشيخوخة من العجز من تغير الأحوال، هذه المخاوف الكثيرة تجعل الإنسان يعيش في حالة من حالات الخوف و ربما ونحن في هذا العام وانتشار فيروس الكرونا بهذه الصورة في العالم بصورة فجائيًا جعل المخاوف تزداد وجعل حياة الإنسان في حالة قلق ولكن القيامة هي الوسيلة التي تنقل الإنسان من حالة الخوف إلى حالة الحب وسأشرح لحضرتكم كيف يكون هذا.

القديس داود النبي تعرض لمخاوف كثيرة حتى أنه صرخ في أحد مزاميره وقال “الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي ممن أرتعب” يقف الإنسان متحيرًا أمام هذه المخاوف الكثيرة التي تواجهه في مسيرة حياته في يوم الحياة الطويل ويقف أمام ربنا ويقول له ” أين أنت يا الله من هذه المخاوف” ويأتي له خاطر ويقول له “هل نسيت يا رب خليقتك؟” واحيانًا يأتي له فكر آخر، و يقول “هل تصل صلوتنا يا رب إليك؟” ويشعر أنه يمضي في نفق وكثير من الأدباء والفلاسفة يتكلمون عن الحياة إنها بمثابة نفق ولا يبصر الإنسان به نورًا ولكن قرب النهاية يبصر نور ويشعر بالأمان والسلام، بولس الرسول الذي عاش النصف الأول من حياته بعيد عن المسيح وفي النصف الآخر كان مرتبطًا وكارزًا بالمسيح ولكنه قرب نهاية حياته كان يركب السفينة مع آخرين، متجهًا إلى روما من أجل المحاكمة وهاج البحر وتكسرت السفينة ولكن وسط هذه المخاوف الشديدة قدم لنا اختبار.

وقال “سلمنا فصرنا نحمل” وهذا هو اختبار الإيمان القوي الذي يحتاجة الإنسان فينا، في العهد القديم أيضًا داود النبي وقع في خطية، كانت خطيته إنه قام بتعداد الشعب (كان تعداد الشعب يدل على قوته واعتماده على امكانياته وليست على معونة الله) وكانت هذه خطية والخطية تحتاج تأديب خُير بين ثلاثة أنواع للتأديب، جوع لمدة سبعة سنوات، أو يظل مطارد من أعدائه لمدة ثلاثة شهور، حالة من الوباء تستمر ثلاثة أيام واختار داود التأديب الثالث “اسقط في يد الرب لأن مراحمة كثيرة ولا أسقط في يد إنسان ” ما أريد أن أقوله أن القيامة هي ما جعلت الإنسان أن يعبر من حالة الخوف إلى حالة الحب، وهي أسمى المشاعر الإنسانية التي يعشها الإنسان في منتهى الراحة والسعادة والشبع الداخلي، وفعل القيامة هو الذي يحول الإنسان إلى إنسان يعيش إنسانيته الحقيقية وهو فرحان، القيامة نقلت وحولت كثيرًا من حالة الخوف إلى حالة الحب الكامل، سوف أشرح لكم ثلاثة خطوات نجدها في مشاهد القيامة الجميلة.

1- الخطوة الأولى: خطوة نقاء.

الإنسان لا يستطيع أن يتمتع بالقيامة وينتقل من حالة الخوف إلى حالة الحب الكامل إلا من خلال خطوة نقاء القلب ولكي يعيش الإنسان حياته السليمة أمام الله كإنسان الله ينبغي أن يأخذ هذه الخطوة النقاء” طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعينون الله” مثال على ذلك نجده قبل قيامة المسيح بأيام قليلة يأتي بطرس الرسول وينكر المسيح ونحن نتعجب من ذلك وشعر بطرس أنه مرفوض وعاش حالة من الخوف بعيدًا عن السيد المسيح وبعد قيامة السيد المسيح رجع إلى مهنته صيد السمك ونسى كل شيء، وفي معجزة صيد 153 سمكة ويكون بطرس موجود ويجد السيد المسيح على الشاطئ وفي وسط هذه الجلسة السيد المسيح ينادي بطرس ويقول له”أتحبني؟” هو سؤال من كلمة واحدة، و قال بطرس”نعم يا رب أحبك”ويكررها ويقول له” أنت تعلم يارب أني أحبك” وهذه هي اللحظة التي تحول فيها بطرس الرسول من الخوف إلى حالة الحب الكامل لأنه نقي قلبه وصار قلبه ممتلئ بمحبة السيد وصار من هذه اللحظة كارزًا مبشرًا في أماكن كثيرة وبلاد كثيرة وتنتهي حياته بالاستشهاد، خطوة النقاء أول خطوة تجعل الإنسان يتحول من حال الخوف إلى حالة الحب الكامل والقيامة هي التي تستطيع أن تصنع هذا كفعل في حياة الإنسان.

الخطوة الثانية : خطوة الرجاء

والرجاء مرتبط بالإيمان، الإنسان الذي يعيش في الخوف دائمًا لديه أفكار سلبية محبطة وتجعله يصل إلى اليأس أو الانتحار إذا فقد الرجاء، خطوة الرجاء خطوة لازمة لينتقل الإنسان من حال الخوف إلى حالة الحب، مثال على ذلك القديسة مريم المجدلية عمل معها السيد المسيح عملًا عظيم وأخرج منها شياطين وصارت تتبعه وصارت في حياة القداسة وذهبت إلى القبر وهي مترجيه رغم الخوف والدموع ولكن هذا الرجاء القوي الذي دفعها لتذهب إلى القبر وتبحث عن معلمها تغلبت على مخاوفها الداخلية، خطوة الرجاء خطوة لازمة للإنسان الذي يريد أن ينطلق من حالة الخوف إلى حالة الحب لذلك عندما نادى عليها السيد المسيح “يا مريم” كانت النتيجة أن النغم لنداء اسمها عرفها أن هذا هو السيد المسيح ومن دهشتها تريد أن تمسكه ولكن المسيح حب أن يذكرها إن لها دور أن تذهب وتنقلي خبر القيامة إلى التلاميذ، أيها الحبيب الذي تعيش في مخاوف كثيرة يجب أن تحفظ رجائك في داخلك وطالما لديك هذا الإيمان القوي وتتمتع بالقيامة المجيدة القيامة تساعدك لتنقلك إلى حالة من حالات الحب الكامل وتصير بهذا الحب إنسانًا سعيدًا في هذه الحياة لذلك نقول في الصلاة “يا رجاء من ليس له رجاء” وأنت يا الله من خلال القيامة حولت الخوف إلى فرح وأمل. 

الخطوة الثالثة: خطوة البناء (العمل)

خطوة الصعود والارتفاع إذا توفر للإنسان نقاء القلب و رجاء العقل تصير يده يد عامله تبني نسمع عن توما الذي شك في قيامة المسيح ويظهر السيد المسيح ويقول له انظر مكان المسامير والحربة ويصرخ توما “ربي وإلهي” وينتقل من أورشليم ويذهب إلى الهند ليبشر باسم المسيح، إذا امتلك الإنسان نقاء القلب و رجاء في العقل يستطيع أن يبني ويحتضن الآخرين وأن ينتقل من حال الخوف إلى حالة الحب الكامل وهذا أمر يفرح الإنسان في حياته وهذا ما جعل داود النبي يقول في مزمور 18″ أحبك يارب يا قوتي”.

القيامة ليست مجرد احتفال وليست حدث في التاريخ القيامة حياة وإذا كنا ونحن في البيت الآن ونتمتع ونحتفل بعيد القيامة المجيد ونفرح بعض ونعيش هذه الفرحة، ولنستطيع أن نفرح بالقيامة ادعوكم أن تقرأوا إنجيل معلمنا يوحنا و رسائله الثلاثة وسفر لرؤيا هذه الأسفار الخمسة مجموع إصحاحاتها 50 إصحاح وتتناسب مع فترة الخماسين المقدسة نعيشها ونفرح فيها بالقيامة المجيدة .

نحن نفرح بالقيامة المجيدة في هذا العام وفي هذا الاحتفال وإذا كان هذا الاحتفال محدود ولكن فرحة القيامة لا تحدها أي أحداث، فالقيامة في حياة الإنسان وقلبه وبرغم تعرض بلادنا وبلاد العالم لوباء غير مسبوق وزيادة عدد المصابين ولكن نشكر الله أن بلادنا تنبهت مبكرًا وبدأت في الإجراءات الاحترازية التي تساعد في تقليل وحصر هذه العدوى التي تستطيع أن تطول أي إنسان ولنا في وعد الله على لسان حبقوق النبي “قدامه ذهب الوباء وعند رجليه خرجة الحمى ” (حب3: 5)

نحن لنا ثقة ولنا يقين أمام الله أنه يستطيع أن يرفع هذه المخاوف والمتاعب الكثيرة.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.