«عطر الشهداء».. نحات تماثيل ضحايا ليبيا: والد أحدهم قال لى «اليوم شعرت وكأن ابنى عاد إلى الحياة»
20.02.2020 17:56
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
الدستور
«عطر الشهداء».. نحات تماثيل ضحايا ليبيا: والد أحدهم قال لى «اليوم شعرت وكأن ابنى عاد إلى الحياة»
حجم الخط
الدستور

خلّد الدكتور جرجس الجاولى، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، شهداء ليبيا، بنحت تماثيل لهم، ظهر جميعها فى صورة فنية جميلة، استحضر خلالها ذكرى المذبحة الأليمة التى قُتل فيها 20 من أبناء مصر على يد تنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا عام 2015.

 

وقال الجاولى، فى حواره لـالدستور، إن فكرة نحت التماثيل كانت فى ذهنه من البداية، منذ أن شاهد المذبحة البشعة، لكنه كان سينفذها بشكل منفرد وأصغر، لافتًا إلى أن قرار تكليفه الرسمى من الكنيسة جاء ليُضفى طابعًا خاصًا على العمل، وشعر بأن الله اطلع على ما فى قلبه، حسب وصفه.

 

وقدّم النحات المصرى العديد من التماثيل، وشارك فى ترميم عدد كبير من التماثيل الفرعونية فى المنيا وقنا والقاهرة، وتحدث عن ردود الأفعال التى تلقاها بعد إنجاز مشروعه، خاصة من جانب أهالى الشهداء.

■ بداية.. حدثنا عن أهم أعمالك الفنية وتاريخك المهنى؟

- أُدرس لطلابى مادة النحت الميدانى بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، وقدّمت العديد من الأعمال، أبرزها أعمال النحت التى عُرضت فى عرض أوبرا عايدة عام 1997، واستكمال تمثال ميريت آمون فى تل بسطة بالزقازيق، وهو تمثال أثرى من خامة الجرانيت يبلغ طوله 9 أمتار، وكان قد فُقد منه ما يُقارب الـ3 أمتار، واستكملت ترميمه من نفس خامة الجرانيت.

 

وهناك عدد من التماثيل التى رممتها بمحافظة قنا بارتفاع 4 أمتار، وتمثال فى معسكر الجلاء بالإسماعيلية بارتفاع 7 أمتار، ولوحة جدارية بنادى ضباط القوات المسلحة بالمنيا بطول 140 مترًا، وتمثال لعميد الأدب العربى طه حسين بالمنيا، وتمثال للرئيس عبدالفتاح السيسى بمتحف الكلية الحربية، بجانب 11 معرضًا خاصًا، كان أحدثها بحى الزمالك بالقاهرة تحت عنوان بهية.

■ كيف تلقيت تكليفك بمهمة نحت تماثيل النصب التذكارى لشهداء ليبيا؟

- الأنبا بفنوتيوس، مُطران إيبارشية سمالوط، كلفنى بالمهمة فى 26 أكتوبر الماضى، وشعرت بسعادة غامرة، نظرًا لأننى كنت سأنفذ الفكرة بالفعل، ولكن بشكلٍ فردى وأصغر، وشعرت بأن الله نظر إلى أعماقى ولبى مشتهى قلبى، واستعدادًا لتلك اللحظة احتفظت بألبوم صور للشهداء على هاتفى؛ لاستخدامها وقت العمل.

■ ما مراحل تنفيذ العمل؟

- بدأت مراحل العمل بإخراج التصاميم الفنية، وجهزت تصميمين لكى يختار الأنبا بفنوتيوس بينهما، واختار بالفعل مظهر الشهداء فى وضعية الجلوس على الركبة، وهى الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة أن تلك الصور راسخة فى أذهان المصريين، أما المنظر الثانى فكان للسيد المسيح بشكلٍ نصفى وهو يحتضن الشهداء.

 

وعقب اختيار التصميم بدأت فى مراحل التنفيذ أولًا بنحت العجينة الطينية، ثم صناعة قوالب الجبس، وبدأت فى صناعة النسخ الفايبر جلاس، وأعددت اسطمبات الرابر ثم صب الخرسانة المسلحة بها.

 

كان لا بد من عمل تلك المراحل بذلك الترتيب؛ لأننى لو نحت على خامة الخرسانة، لما خرج العمل بتلك الجودة المشهودة.

■ كم استغرقت لتنتهى من نحت التماثيل؟

- استغرقت 100 يوم مُتصلة، ويُعد ذلك وقتًا قياسيًا، فالتمثال الواحد يستغرق شهرًا، ما يعنى أن الوقت الطبيعى لنحت التماثيل هو عامان، مع مراعاة أن تمثال السيد المسيح البالغ طوله 4 أمتار يحتاج 100 يوم أخرى من العمل، لكننى أنجزت صناعة التماثيل جميعها فى وقتٍ قياسى؛ لحبى للعمل الذى أنفذه، والفكرة كانت فى ذهنى بعدما شاهدت الفيديو البشع للمذبحة.

■ هل عاونك فريق من المُختصين؟

- استعنت بعمال لتوفير جهدى العضلى، ونفذت الرؤية الفنية بشكلٍ فردى للرغبة فى خروج العمل بالدقة التى تصورتها.

■ ما رسالتك للعالم بعد نحت التماثيل؟

- رسالتنا جميعًا هى تخليد موقف الشهداء العظيم، الذى جعلهم يجابهون الموت دون ضعف أو خوف، وأؤكد أن مصر والكنيسة المصرية خرج من رحمهما أبطال أشداء أقوياء، كما أننا خلّدنا فى ذلك النُصب كل شهداء الكنيسة فى كل زمان ومكان.

■ ما أبرز ردود الأفعال بعد انتهاء العمل؟

- تلقيت ردود أفعال عديدة، خاصة من أهالى الشهداء، وكذلك أحبائهم وأصدقائهم الذين حضروا لالتقاط الصور التذكارية مع الشهداء ونصبهم التذكارى، حتى إن أحد آباء الشهداء قال لى نصًا: اليوم شعرت وكأن ابنى عاد إلى الحياة مُجددًا.

■ هل رأى البابا تواضروس النصب؟

- للأسف لم ترد إلىّ أخبار بأن البابا قد رأى العمل الفنى، لأننا نعمل فى إطار محلى نوعًا ما، وهو إطار إيبارشية سمالوط، ولم نتوقع أن يخرج العمل للنور وينتشر هكذا، فقد كتبت عنه عدة صحف أوروبية وأمريكية مثل صحيفة الإندبندنت.

■ وبالنسبة لباقى الشهداء.. هل تفكر فى تخليدهم بتماثيل مشابهة؟

- حتى الآن لم يتفق معى أحد على نحت تماثيل لباقى الشهداء، وربما كان شهداء ليبيا هم أول مرحلة، تأتى بعدها مراحل أخرى ونحت شهداء آخرين، لا سيما بعد نجاح النصب التذكارى بهذا الشكل الرائع، وشخصيًا أتمنى تخليد جميع شهداء القوات المُسلحة المصرية والشرطة فى أعمال فنية.

■ وأخيرًا.. مَن الشخصية التى تحلم بنحتها؟

- السيدة سعاد ثابت، المعروفة إعلاميًا بـسيدة الكرم، وأحتفظ بكل صورها عبر ألبوم فى هاتفى الخاص لاستخدامها حين البدء فى العمل.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.