
تمثل الآثار القبطية واحدًا من أهم عناصر الجذب السياحى، لا سيما السياحة الثقافية، إذ يرغب كثير من السياح الأجانب فى التعرف على تاريخ آباء الكنيسة الأوائل، الذين أسسوا أكبر مذهب اجتماعى دينى فى العالم وهو الرهبنة بقسميها «الوحدة» و«الشركة».
ورغم وجود أديرة لها شهرة سياحية كبيرة، يُقبل إليها السياح من كل حدب وصوب، مثل أديرة وادى النطرون الأربعة، وديرى البحر الأحمر، وأديرة الصعيد فى المنيا وسوهاج وأسيوط، فإن أديرة أخرى، غرقت فى بحر الإهمال، أخذ البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، على عاتقه مهمة تعمير تلك الأديرة للاعتراف بها واحدًا تلو الآخر.
أبوالدرج.. المستثمرون يشوهون مدافن الرهبان
يبعد دير القديس يوحنا أبوالدرج أو يوحنا الدرجى، عن بورتو السخنة 5 كليو مترات، وهو أثر قبطى صريح، يرجع تاريخه إلى القرن الثالث الميلادى، وتحديدا عام 264، وقد بدأ الدير بتجمع رهبانى كبير فى منطقة رأس أبوالدرج بالعين السخنة «فى جبل الجلالة البحرى»، واستمر ذلك التجمع إلى القرن الثالث عشر الميلادى.
ورد ذكر ذلك الدير فى كتابات الرحالة الذين مروا على تلك المنطقة من عام 1600 إلى عام 1964 إذ وثقوا وجود ذلك التجمع الرهبانى الحاشد فى تلك المنطقة، وعلى رأسهم العلامة سيكار والأب عبدالمسيح المسعودى، بالإضافة إلى ورود إشارة إلى ذلك التجمع الديرى فى كتاب دليل الأديرة القبطية للعلامة الأسقف الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر.
وعرض السماح لبعض المستثمرين، بالاستثمار فى تلك الأراضى، الآثار القبطية ومدافن الرهبان بالمنطقة، إلى الخطر عن طريق اللوادر والمعدات والأحجار الداخلة إلى المنطقة الأثرية، والتى بدورها تتسبب فى احتكاك تشوه الآثار القبطية بالمنطقة ومدافن الرهبان المدفونين هناك، الأمر الذى نتج عنه الإهمال بالمنطقة وعدم الاهتمام بها أثريًا، بالإضافة إلى عدم القدرة على اتخاذ أى خطوات نحو بناء أى سور يحفظ تلك الآثار.
البهنسا.. كنيسة العهد اليونانى مرتع للكلاب الضالة
رغم أن 99% من سكانها يدينون بالإسلام، فإن رجال الكنيسة والآثار يؤمنون بأن منطقة البهنسا بمركز بنى مزار بمحافظة المنيا تحمل فى باطنها ما يقارب الـ360 كنيسة مدفونة.
إيمان رجال الدين والآثار بتلك الكنائس المدفونة، لم يكن يومًا موضع حديث، إلا أن ما قلب القرية رأسًا على عقب، هو اكتشاف كنيسة أثرية تعود للقرون الأولى، وذلك عام 1993، وذلك على بُعد مسافة 200-300 متر من قبر أبناء عمومة وصحابة الرسول بمصر، الأمر الذى كان له مردود إيجابى فى قلب كل من ينادى بالوحدة الوطنية، إلا أن ما عكر صفو تلك الصورة هو تعرض تلك الكنيسة للهدم البطىء وتحويلها إلى مرتع ومقلب للقمامة ومرعى للكلاب، مع هدم مستمر لقباب وجدران تلك الكنيسة.
وحصلت «الدستور» على صيغة الاستغاثة المقدمة من المهندس أحمد محمد زكى يونس دربالة، أمين محافظة المنيا بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إلى مكتب خالد العنانى، وزير الدولة لشئون الآثار.
وقال مقدمو الاستغاثة: «إنه يوجد فى قرية البهنسا مركز بنى مزار محافظة المنيا معبد «كنيسة قبطية»، منذ العصر اليونانى الرومانى، واكتُشِفَت عام 1993 ضمن حرائر المجلس الأعلى للآثار، وأصبحت هذه الكنيسة شبه موجودة، حيث أصبحت تجمعًا للكلاب ومقلبًا للزبالة ومجمعًا للمخلفات».
خطة الكنيسة للاعتراف بالأديرة غير القانونية
خطة البابا تواضروس للاعتراف بالأديرة غير المعترف بها بدأت بشكل رسمى بعد أزمة دير وادى الريان، التى أنهتها الكنيسة بإيقاف 7 رهبان والسماح بمرور طريق «الفيوم- الواحات» من داخل الدير، حيث كلف البابا لجنة مكونة من أسقفين هما الأنبا إبرام، أسقف الفيوم، والأنبا مكاريوس، أسقف عام كنائس المنيا وأبوقرقاص، للإشراف على الدير من الناحيتين الروحية والإدارية تمهيدًا للاعتراف به.
خطة الكنيسة لن تقف عند دير وادى الريان، فقد اعترفت الكنيسة بدير الأنبا متاؤس الفاخورى بإسنا، ودير البتول للراهبات بملّوى، ودير مارمرقس والأنبا صموئيل المعترف بجنوب إفريقيا فى عام 2013، ودير الأنبا بيجول والأنبا بشاى سوهاج «الدير الأحمر»، ودير الملاك ميخائيل بنقادة فى عام 2014، ودير العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل – للراهبات بديروط فى عام 2015، ودير القديسة الشهيدة دميانة والأنبا مويسيس للراهبات فى إيبارشية البلينا.
ومن المقرر أيضًا أن تنظر الكنيسة تجاه عدد من الأديرة مثل أديرة أخميم بمحافظة سوهاج، ودير وادى الريان بمحافظة الفيوم، والأنبا كاراس بوادى النطرون، ودير عمانوئيل للفتيات بوادى النطرون، ودير متاؤس الفاخورى بطريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى، ودير يوحنا الحبيب بطريق الإسماعيلية.