الأنبا موسى يكتب .. الشباب ومشكلة البطالة (1)
24.03.2019 09:16
Articles مقالات
المصرى اليوم
الأنبا موسى يكتب .. الشباب ومشكلة البطالة (1)
حجم الخط
المصرى اليوم

بقلم الأنبا موسى

فى دراسة للجنة التنمية الاقتصادية بأسقفية الشباب، ورد أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن أهم مشكلة تواجه الشباب الآن هى مشكلة البطالة.. وهناك دراسات وأرقام فى هذا الشأن.

ولكن.. من هو الشخص الذى يعانى من البطالة؟

هو الشخص الذى فى سن العمل، وراغب فيه، وقادر عليه، ويبحث عنه، ولا يجده، وذلك على أساس الأجور السائدة..

 

- وإذا علمنا أن كل عام يخرج إلى سوق العمل حوالى مليون شخص باحث عن الوظيفة، ولا تستطيع سوق العمل أن تستوعب أكثر من 400 ألف فرد، فالباقى أين يذهب..؟؟

 

- لذلك فإن البطالة ألقت بظلالها على البيوت، وأصبحت سوق العمل تكتظ بالأب والأم اللذين خرجا على المعاش مبكرًا نتيجة للظروف الاقتصادية السائدة، وكذلك الابن، والابنة، ومن هنا تتضح خطورة مشكلة البطالة، التى لها تأثير على المستوى: الروحى، والاجتماعى، والسياسى، والأمنى.

 

ذلك لأن البطالة ترتبط بانقطاع الدخل، ومن ثم صعوبة الحياة نتيجة العجز عن تلبية الحاجات الإنسانية الضرورية، مما يترتب عليه أحيانًا الجنوح إلى الأخطاء والخطايا والعنف، كما ينتج عنه انتشار المخدرات، وها نحن نجد ملايين من جرعات الاستروكس وغيره، تدمر كثيرين!!

هذه بعض الأسباب كما يذكرها المتخصصون:

1- على المستوى العالمى، حيث يتزايد عدد السكان فى العالم، وبخاصة فى الدول الفقيرة. وحتى فى الدول الغنية بدأت معدلات البطالة تزداد بسبب الميكنة، إذ تستطيع الماكينة أن تستغنى عن عشرات ومئات العمال، بعد عمليات التحديث والحوسبة (Computerization)

 

2- عدم التوافق بين احتياجات سوق العمل وأعداد الخريجين.

 

3- تعيين الخريجين مع قلة المعروض من فرص العمل بالقطاع الخاص.

 

4- الازدياد الكبير من خريجى التعليم العالى دون النظر إلى احتياجات المجتمع الفعلية، وما نحتاجه فى عصر العولمة والميكنة والإلكترونيات.

والسؤال الذى يتبادر إلى ذهننا الآن: ما هو الحل؟

الحلّ هو العمل ثم العمل ثم العمل! والكتاب المقدس يقول: أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا (2 تس 3: 10) بمعنى ضرورة العمل المنتج، لإمكان التغذية والنمو!

 

ففكرة المشروعات الصغيرة هى الحلّ الأمثل لمشكلة البطالة، لأنه لدينا عشرات الآلاف من المشروعات الصغيرة، التى لا تحتاج إلى رأسمال كبير.

 

إن إلهنا العظيم عندما أراد أن يخلق الكون الأكبر والملائكة والبشر، وضع خطة ونفذها، وتابعها ويتابعها بنعمته وحكمته الإلهية!

 

- السيد المسيح نفسه: كان يعمل بيديه فى مشروع صغير كنجار، مع القديس يوسف البار، وهكذا قدَّس المشروعات الصغيرة.

 

- جميع آبائنا الرهبان القديسين: كان لا بد أن يكون لهم مشروع صغير يدرّ عليهم دخلاً يكفى، ومن أمثلة ذلك القديسون: الأنبا أنطونيوس، والأنبا مكاريوس الكبير، والأنبا أرسانيوس، والأنبا باخوميوس، وكلهم- بدون استثناء- كان لهم عمل يومى، أو مشروع صغير، يعيشون من خلاله.

 

- يقول الأنبا مكاريوس الكبير: لنعمل ما دام لنا زمان لنجد عزاء فى وقت الشدة، فمن لا يعمل ويتعب فى حقله فى أوان الشتاء، فلن يجد فى الصيف غلة بها يملأ مخازنه ليقتات بها. فليحرص كل واحد أن يعمل على قدر طاقته، وليجاهد بكل قوته، فإن ساعة واحدة من نياحه تنسيه جميع أتعابه، فويل لمن تغافل وكسل لأنه سيندم حيث لا ينفع الندم.

 

- القديس الأنبا أنطونيوس مدح القديس مكاريوس قائلاً: هاتان اليدان يخرج منهما قوة عظيمة إذ كان يعمل فى صنع السلال.

 

- جميع الأديرة بها مشروعات صغيرة وكثيرة، لتستطيع أن تفى باحتياجاتها، فالكل يعمل وينتج، ولا يوجد من لا يعمل.. والدسقولية تقول: من لا يعمل لا يأكل.. وذلك لحث الناس على العمل.

 

- ثابر على صنعة يديك وداوم عليها بحرص.. قرب للرب ما تصل إليه قدرتك، وأكرم الرب بمالك

 

الذى أعطاك إياه بحسب طاقتك.

 

- لا تغفلوا عن عمل أيديكم لتجدوا كل زمانكم ما تكتفون به أنتم والفقراء، لكى لا تثقلوا على كنيسة الله والقديس بولس الرسول يقول: فَإِنَّنَا أَيْضًا حِينَ كُنَّا عِنْدَكُمْ أَوْصَيْنَاكُمْ بِهَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا (2تس 10:3).

 

- دعونا نبدأ فى تحويل كل هذه الأمور إلى حقيقة واقعية فى حياة كل فرد منا، بأن يكون لكل منا مشروعه الخاص، الذى هو محاولة لحل مشكلة البطالة، لديه ولدى آخرين.

1- ما هو المشروع الصغير؟

هو مشروع محدود فى تكاليفه، وحجمه، ومجاله، يبدأ به شخص فى مقتبل العمر، وينموان معًا، إلى مشروع أكبر فأكبر، وربما إلى تنوع وانتشار وإثمار أفضل.. فيصل إلى مشروع كبير مثمر ومنتج، وربما إلى مؤسسة صغيرة تنمو شيئًا فشيئًا.

2- مبادئ فى المشروع الصغير:

يتسم المشروع الصغير بالتناغم مع مبادئ ثابته وخالدة فى الكون مثل:

أ- مبدأ البذرة: فكل شىء يبدأ ببذرة صغيرة، مثل حبة الخردل (كما قال السيد المسيح) أصغر البذور، وتنتج عنها أضخم الأشجار، التى يستظل بها البشر، وتؤوى الطيور فى أغصانها.

 

ب- مبدأ النمو: فطالما كانت البذرة حية، وزرعت فى تربة صالحة، وتعهدناها بالغذاء والأسمدة، تنمو هذه البذرة وتصير نبتة صغيرة، ثم شجرة مثمرة، ومعطاءة، حتى لو قذفناها بحجر، تسقط لنا ثمارها بما يغذينا ويسعدنا.

 

ج- مبدأ الانتشار: فالنموذج سرعان ما يتداوله الناس ويكررونه، فتنتشر الفكرة، ويكثر الثمر.. المهم أن يكون الانتشار مدروسًا، يدرك حاجة المجتمع إليه، ويتعرف إلى لحظة التشبع، فلا يكون المنتج غير مطلوب، إذ هنا تبدأ الخسارة والتراجع.. ولذلك فمن المهم الالتزام بمبدأ آخر هو..

 

د- مبدأ التطوير: فلا شىء يبقى على حاله فطبيعة الحياة التغير.. المهم أن يكون هذا التغير إلى الأفضل والأرقى، والأحسن، والأكثر مناسبة لحاجات اللحظة، والإنسان، والمكان.

 

من المهم- إذن- للشباب أن يدرسوا حاجة السوق، ويقدموا لها ما تحتاجه، فالحياة تفاعل، والتفاعل يجب أن يكون خلاقًا (Creative)، والتجديد يجب أن يكون مدروسًا وناجحًا!

3- ما هى مصادر التمويل؟

بدأ شاب مع صديقه مشروعًا صغيرًا، حين أخذ من والده 500 جنيه والآخر 500 أخرى (من فترة طبعًا!!) واشتريا قطعة غيار صغيرة، وباعاها لتاجر، فحصلا على ربح بسيط.. فاشتريا عددًا أكبر من نفس القطعة وباعاها.. وزاد الرب، وبارك وقالا لى بعد فترة وجيزة: نشكر الله أننا الآن لدى كل منا شقة، وكلانا تزوج، ونحن نساعد أسرتينا.

 

1- ابدأ صغيرًا.. لتنمو.. فإذا بدأت كبيرًا قد تتراجع. 2- هناك بنوك تقدم قروضًا ميسرة للشباب.

 

3- وكذلك أجهزة تشغيل الشباب فى المحافظات. 4- وبعض رجال الأعمال يساعدون.

 

المهم أن تكتسب مصداقية أمام نفسك وأسرتك، والجهة المقرضة.. وسوف تنمو بنعمة الله وتنجح!!

 

* أسقف الشباب العام

 

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.