
تولى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اهتمامًا خاصًا للخدَّام المتطوعين بخدمة تدريس الدروس الكنسية للمراحل التعليمية المختلفة، المعروفة باسم «التربية الكنسية»، فلا تسمح الكنيسة لأى فرد متطوع بالعمل فى ذلك الحقل أو المجال، بل يجب أن تختبر قناعاته الإيمانية من خلال إخضاعه لدورات تدريبية تُعرف باسم «دورات إعداد الخُدام»، الأمر الذى يُشبه كورسات دينية وعملية مُكثفة للتأكد من قناعات الخادم وعدم تلقينه أى فكر مخالف للعقيدة المسيحية، خصوصًا الأطفال لم يعد ذلك كافيًا فى ٢٠١٧، لا سيما أن الأفكار المخالفة للعقيدة المسيحية بدأت فى الانتشار، الأمر الذى دفع الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة سكرتير المجمع المقدس لوضع ما يُسمى بـ«إقرار الإيمان»، وهو عبارة عن ١٢٢ سؤالًا فى صميم المعتقد المسيحى، موزعة على ١٨ صفحة، وتنقسم إلى ٥ أقسام، كل سؤال يُجيب عنه الراغب فى التطوع لتدريس الدروس الكنسية بخط يده مصحوبًا بالتعليلات، عقب اجتيازه دورات «إعداد الخدام»، وذلك تحت شعار: «وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناسًا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين ايضًا» (٢ تى ٢:٢).
أسئلة حول الإيمان بالله وطاعة البابا.. والاعتراف بـ«الأسفار المحذوفة»يحمل القسم الأول من الأسئلة عنوان «اللاهوت العقيدى»، ويحتوى على ٤٢ سؤالًا فى صميم المعتقد المسيحى، مصحوبًا باختيارين بين الإيمان أو عدم الإيمان مع ذكر السبب، وتأتى الأسئلة فى إطار اعتراف الخادم بوجود الله وعدم إيمانه بما ينادى به الملحدون بشأن عدم وجوده، وإيمانه بقدرته وأنه خلق العالم وما فيه، وأنه واحد لا شريك له، بالإضافة إلى الإيمان بصلب المسيح وقيامته من الأموات بحسب ما تنص التعاليم المسيحية.
كما يأتى فى طياته اعتراف الخادم بشفاعة القديسين وقيامة السيدة العذراء، ووجود جزاء للأبرار والأشرار فى العالم الآخر، بالإضافة إلى هيبة الكنيسة وضرورة احترامها.
أما القسم الثانى الذى جاء تحت عنوان «الكنيسة والأسرار» فينطوى على ٣٧ سؤالًا، جاء ضمن أبرزها احترام الكهنة وسر الكهنوت بشكل عام، والتأكيد على أن السيد المسيح هو مؤسس ذلك السر بنفسه، بالإضافة إلى الخضوع لسر الاعتراف بالخطيئة، والاعتراف بالخلافة المقدسة أى السلطان الممنوح من الله للأساقفة والقساوسة، بالإضافة إلى أهمية المناسبات الدينية والأعياد والأصوام الكنسية.
يختص القسم الثالث بالإنجيل وطاعة آباء الكنيسة وآياته ويشتمل على ٦ أسئلة فقط وهو أصغر أقسام ذلك الإقرار، الذى اختتمته الكنيسة بسؤال: «أقر بطاعة واحترام المجمع المقدس وقراراته والرئاسة الكنسية المتمثلة فى قداسة البابا والآباء المطارنة والأساقفة»، بالإضافة إلى ضرورة وأهمية اعتراف الخادم بالأسفار القانونية الثانية التى حذفتها الكنيسة البروتستانتية من الإنجيل، لتعيد الكنيسة الأرثوذكسية طباعتها فى كتاب منفصل فيما بعد.
إقرار خطى برفض السحر والشذوذ الجنسى١٩ سؤالًا فى الاختبار تقيس طباع الخادم وطريقة تعامله مع الآخرين، وأخلاقياته، وعدم مخالطة الأشرار وعدم مخالفة أى وصية من وصايا الله ورفض كافة أعمال السحر والاستعانة بقوى الظلمة وأعمال الشيطان، وأهمية الرهبنة وضرورة السجود لله كعبادة والسجود للقديسين والبطريرك والأساقفة كنوع من الطاعة والاحترام، بالإضافة إلى الاعتراف بأن الشذوذ الجنسى هو انحراف عن الطبيعة وأمر ترفضه الكنيسة، ويمثل ذلك القسم الرابع من الاختبار ويحمل عنوان «الروحيات». تختتم الكنيسة إقرارها بقسم أخير يحمل عنوان «الخدمة» يضم بداخله ١٨ سؤالًا تبدأ بإثبات الخادم المتطوع لانتمائه للكنيسة الأرثوذكسية فقط دون غيرها والاستناد خلال مهمته فى تدريس الشئون الكنسية إلى مرجعيتها وتعاليمها فقط، وتمثل ذلك فى سؤال: «أؤمن وأقر أن التعليم والمرجعية، هو بالإيمان والمنهج الأرثوذكسى فقط.. ويجب أن أعلنه وأجاهر به فى كل مكان وزمان»، بالإضافة إلى أن الخدمة هى أمر تطوعى مجانى لا يحصل الخادم خلاله على أجر، مع التأكيد على اختيار الترانيم التى تتناسب مع روح الكنيسة الأرثوذكسية فقط والابتعاد عن الترانيم الصاخبة. يوقع الخادم المتطوع بخط يده على التعهد الأخير والواقع فى نهاية الإقرار والذى ينص على أن الخادم يتعهد بأن يكون تعليمه موافقًا لتعاليم الكتاب المقدس حسب ما شرحه آباء الكنيسة الأرثوذكسية المعبرون أى المعترف بهم، لينتهى الإقرار بتوقيع خطى للخادم، بينما يبدأ فى بدايته بكتابة البيانات الأساسية مثل الاسم وتاريخ توقيع البيان، والكنيسة التى يتبع لها الخادم، واسم أب الاعتراف وكنيسته، والمرحلة العمرية التى يخدمها الخادم.
أمين التربية الكنسية: مفيد لأقصى درجةقال المهندس ألبرت ظريف بطرس، أمين عام التربية الكنسية بكنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب للأقباط الأرثوذكس بمنشأة ناصر، إن الإقرار الذى طبقه الأنبا رافائيل فى كنائس وسط القاهرة، يعتبر إقرارًا شاملًا وإيجابيًا ومفيدًا للخدام لأقصى الدرجات، مؤكدًا أن هناك بعض الخدام يعانون ضحالة شديدة فى المعلومات الدينية والعقائدية حتى بعد التخرج من دورات إعداد الخُدام، الأمر الذى يؤثر سلبًا على المخدومين الذين يتسمون بالأسئلة الصعبة والجريئة تعطشًا للفهم خصوصا للأمور اللاهوتية، الأمر الذى يفشل فى الإجابة عنه بعض الخدام الذين يعانون من ضعف المعلومات الدينية والعقائدية.
كما أكد أن هناك بعض الخدام الذين يتعرضون لبعض التيارات التى تزعزعهم شخصيا الأمر الذى نتج عن ضعف تأهيلهم للخدمة، مما يؤثر سلبًا على الجيل الصاعد الذى يتولى ذلك الخادم المتزعزع مهمة تدريس الدروس الدينية له، موضحًا أن ذلك الإقرار الذى قام الأنبا رافائيل بعمله يعتبر خير مثبت للإيمان أمام أى تيارات غير صحيحة كما يُظهر ويفرق بين الخادم ذى الإيمان القوى والخادم الذى يحتاج لبعض التأهيل.
خُدَّام يطالبون بتعميمه على جميع الكنائس طالب كل من برسوم ميلاد وبيشوى وديع، الخادمين فى مجالى التربية الكنسية والمسرح الكنسى، بكنسية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس بحلوان، بتعميم إقرار الإيمان على جميع الكنائس القبطية الأرثوذكسية وليس فقط فى إيبارشية كنائس وسط القاهرة، مؤكدين أنه لا بأس من تعميم الإجراءات الحسنة التى تفيد الخادم والمخدوم بالفطرة مثل إقرار الإيمان.
كما أوضح الخادمان أن إقرار الإيمان والتعهد الذى ينتهى به، يلزمان كل خادم بأن يسير وفق منهج الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وعدم الترويج لأى فكر غريب أو مخالف للعقيدة التى تسلمتها الكنيسة من آبائها الأوائل فى القرون الأولى، وتحديدًا منذ تلاميذ المسيح، كما سيغلق الطريق على كل من يحاول تشكيك المؤمنين فى إيمانهم مثل الملحدين وغيرهم.