
التقى نيافة الأنبا هرمينا الأسقف العام لكنائس شرق الأسكندرية ومقرر لجنة التربية الدينية بالمجمع المقدس، موجهي ومدرسي التربية الدينية المسيحية على مستوى أحياء القاهرة في لقاء الترم الثاني، في كنيسة السيدة العذراء بالعباسية الشرقية.
وألقى نيافتة كلمة عن “القائد الناجح”، كما أجاب على أسئلة واستفسارات الحضور، ثم قام نيافته بتوزيع شهادات التقدير للمدرسين المثاليين على مستوى كل إدارة من الإدارات التعليمية في محافظة القاهرة.
كما قام نيافتة بتكريم موجهي الدين المسيحي الذين خرجوا على المعاش وأهداهم الكتاب المقدس وبعد الصلاة الختامية قام نيافته بتوزيع هدية تذكارية لكل الحاضرين.وفي كلمته عن “القائد الناجح” قال القائد الناجح هو الذي يستطيع أن يؤثر فمن حوله في بيته، عمله، خدمته”، ففي سفر أعمال الرسل وعندما تم اختار السبع شمامسة اختاروهم مملوئين بالروح القدس ” فَحَسُنَ هذَا الْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ الْجُمْهُورِ، فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ، رَجُلًا مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلًا أَنْطَاكِيًّا” وتكون القيادة هنا للروح القدس ويكون اختيار القائد أولًا على ما مدى امتلائه من الروح القدس وليس على أي اعتبارات أخرى.
ولكي نمتلئ بالروح القدس يجب أن نعيش في حياة الإيمان الروحي خاضعين لتدبير الروح بالصلوات والأصوام وحضور القدسات وممارسة الأسرار والتناول باستمرار لكي نثبت في المسيح والمسيح يثبت فينا.ولكي يكون القائد ذو تأثير على الآخرين يجب أن يكون لديه رؤية ويكون له رسالة “إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ.”… (2 كو 5: 20-21(
و أضاف الأنبا هرمينا القائد الناجح يمتاز بميزتان الأولى أن يكون ممتلئ بالروح، و الثانية أن يكون صاحب مهارات يدوية، وكما قال داود النبي “فرعاهم حسب كمال قلبه، وبمهارة يديه هداهم” (مز 78: 72(
وأيضا يجب أن يكون القائد ذو نفس طويل مستعد للسهر والتضحية والمسابرة والجهاد ويجب أن يكون دارس “مذاكر”.
“أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ،” (في 3: وأفاض الأنبا هرمينا في كلمته عن مهارة الرؤية من خلال سفر نحميا النبي وأهمية أن يكون للقائد رؤية “هدف” والرؤية هي ما أراه أو ما أتطلع إليه في المستقبل، وبالنسبة لكم أو للمدرسين يكون رؤيتك لفصلك , لمدرستك , لمادتك , لتلاميذك .. الرؤية ممكن أن تنبع منك كقائد أو ممكن اكتسابها من الآخرين، المهم أن يتبنى القائد رؤية معينة يسعى لتطبيقها بكل ما أتى من قوة وعزيمة بحيث تكون هذة الرؤية قابلة للتطبيق والتنفيذ ونشرك فيها آخرين، و يكون تطبيقها في متناول الموجودين.ويجب على القائد أن يرصد ويحلل قدرات الآخرين لتحقيق النجاح وتجنب الفشل، كما يجب أن لا نخرج عن الواقع أي نكون واقعيين وأن نستفيد بمعطيات هذا الواقع مع أخذ الماضي في الاعتبار لكي نستفيد من خبرات هذا الماضي، كذلك يجب علينا دراسة الاحتياجات والإمكانيات المتاحة لكي لانصطدم بالواقع إذ لم تكن هذه الإمكانيات المتاحة تتناسب مع المطلوب فعله أو تنفيذه.
وأيضا مطلوب لتحقيق الرؤية اختيار العاملين فيها مع شرحها وتهيئة المناخ لها وإشراك باقي الأعضاء في التطبيق، وفي النهاية نقول :”نحن عملنا.. نحن أنجزنا.. وليس أنا عملت.. أنا أنجزت”.
وفي البداية.. وفي النهاية، يجب أن يكون الله في هذه الرؤية عن طريق الكتاب المقدس والوصايا والصلاة والإرشاد الروحي والمواهب المعطاة والعقل، فدور الإنسان مهم ودور الله أهم، فقد أكد نحميا للشعب أن الله وراء هذا العمل، وما أجمل أن تكون القيادة على يقين من أن ما تعمله مؤيد من الله، مما ينعكس على الرعية ويستنهض همتها للعمل، وحين يكون القائد بنفسه عضواً فعالاً في العمل فمن الطبيعي أن يكون رد الفعل هو “.. «لِنَقُمْ وَلْنَبْنِ». وَشَدَّدُوا أَيَادِيَهُمْ لِلْخَيْرِ”.
ولتحقيق الروية لابد أن يكون نفسنا طويل نخطط ونجتهد لتحقيق هذة الرؤية ستعترض طريقنا بعض العراقيل والتحديات الكثيرة يمتاز الإنسان القائد عن الإنسان غير القائد بالنفس الطويل وطبعا من أشهر القادة نحميا النبي الذي نعتبره مثال هام للقائد الناجح فقد عرف أن أورشاليم خربة وأسوارها مهدمة فهل انتابه اليأس والحزن والانكسار لا بل كان له روح القوة ووضع الخطط والرؤية وكانت أدواته في تنفيذ هذه الرؤئة كما ذكرها الأنبا هرمينا في الصلاة. إن نحميا قائداً ماهراً عرف كيف يقود أمة قد أعيتها المحن، ودمرتها الخطية، إن أول ما تميز به نحميا في قيادته لشعبه هو تواضعه وانضمامه للشعب، ففي صلاته يضع نفسه ضمن الشعب الخاطئ، فلم يُصَّلِ قائلاً: “اغفر يا رب خطايا الشعب”، لكنه وضع نفسه واحداً ضمن الشعب المحتاج لغفران الله، كذلك أظهرت صلاته، عمق المحبة التي ملأت قلب نحميا تجاه شعبه
وضع الرؤية، فقد كان نحميا رجلاً ذا رؤيا واضحة ومحددة المعالم، فحين سأله الملك عن طلبه الذي يزيح حزنه، كانت إجابته تنم عن رجل يعرف ما يريده، كانت لديه رؤيا عما سيفعله، وحين وصل لأورشليم عرف كيف يبدأ، فقام ليلاً ليتفحص الأمر في واقعه الطبيعي، وليطابقه بخطته المزمع إتمامها، وحين تحرى الأمر جيداً استطاع أن ينهض الشعب واضعاً نفسه كواحد منهم، قائلاً: “هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَاراً». وَأَخْبَرْتُهُمْ عَنْ يَدِ إِلَهِي الصَّالِحَةِ عَلَيَّ، وَأَيْضاً عَنْ كَلاَمِ الْمَلِكِ الَّذِي قَالَهُ لِي” (نحميا 2: 17،18)
دراسة المتاح والاحتياجات
كانت لديه رؤيا عما سيفعله، وما هي احتياجاته، وكم من الوقت سيستغرق العمل، وقام بتجهيز ودعم الشعب وتهيئة المناخ لتحقيق الرؤية بشرحها واشراك الشعب في التطبيق.
وضع خطة العمل وتقسيم الأدوار والمهام ومقاومة التحديات والاتهامات الباطلة والتريقة والتهكم والاستهزاء، والتي حدثت مع نحميا عند بناء السور، فكان نحميا يدرك حجم العمل وصعوبته، فوضع خطته معتمداً على روح الفريق، فالعمل هائل، ويحتاج لمشاركة الجميع، ولا عجب في ذلك!
كانت طريقة نحميا هي تقسيم العمل على الجميع، ومن خلال تنظيم دقيق قسَّم العمل على بيوت وعائلات الشعب، فكان لكل واحدٍ نصيبه من العمل، مما جعل للشعب قلبٌ للعمل، فحين يكون العمل في القلب، يكون هناك قلبٌ في العمل (نحميا 4: 6).
تجنب المعطلات
ومن أكثر المعطلات، والتي تحيد عن تنفيذ الهدف هي المجادلات، والتي لاتفيد أو تعطي نتائج أو ثمر فكان نحميا قائداً شجاعاً استطاع أن يقود شعبه للعمل وسط كل التهديدات التي تعرض لها سواء من الخارج أو الداخل، فحين اجتمع “سَنْبَلَّطُ وَطُوبِيَّا وَالْعَرَبُ وَالْعَمُّونِيُّونَ وَالأَشْدُودِيُّونَ أَنَّ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ قَدْ رُمِّمَتْ وَالثُّغَرَ ابْتَدَأَتْ تُسَدُّ، غَضِبُوا جِدّاً، وَتَآمَرُوا جَمِيعُهُمْ مَعاً أَنْ يَأْتُوا وَيُحَارِبُوا أُورُشَلِيمَ وَيَعْمَلُوا بِهَا ضَرَراً” (نحميا 4: 7- 8(
مواجهة الافتراءات بحيث يكون الشخص شجاع قادر على مواجهة الافتراءات والأكاذيب والتدليس فكان نحميا قائداً يعرف الأزمات والمضايقات التي ستعترضه، لكنه كان يعرف أيضاً قوة إلهه والنجاح المضمون حين يبدأ، هذا ما جعله واثقاً في الرد على أعدائه، حينما هزأوا به وبمجموعة العمل من حوله قائلاً: “فَأَجَبْتُهُمْ: «إِنَّ إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ لَكُمْ نَصِيبٌ وَلاَ حَقٌّ وَلاَ ذِكْرٌ فِي أُورُشَلِيمَ” (نحميا 2: 20)
تجنب النصائح النظرية بدون مراعاة الأحداث ولا المكان ولا الظروف المصاحبة، العمل على تجهيز كوادر جديدة “صف ثانِ وثالث”؛ وذلك لمواجهة أي طارق ممكن أن يحدث إذ فقدت كوادر الصف الأول، فقد كان سر نجاح نحميا أنه عرف كيف يوجه أنظار تابعيه إلى السيد العظيم، إلى الله، نبع القوة، ومصدر الغَلَبة، اسمعه وهو يقوي شعبه قائلاً: “وَنَظَرْتُ وَقُمْتُ وَقُلْتُ لِلْعُظَمَاءِ وَالْوُلاَةِ وَلِبَقِيَّةِ الشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوهُمْ، بَلِ اذْكُرُوا السَّيِّدَ الْعَظِيمَ الْمَرْهُوبَ..” (نحميا 4: 14).
وفي النهاية، أوضح الأنبا هرمينا بعض الأمور التي يجب أن يتجنبها القائد، والتي تجعل منه قائد غير ناجح وهو التردد والخوف من الرفض والخوف من الفشل، فيجب أن يكون القائد قوي شجاع ذو تأثير وقدرة على تحقيق الرؤية .وفي نهاية اللقاء، تم أخذ العديد من الصور التذكارية مع نيافة الأنبا هرمينا في جو من الحب والود.
وعلى هامش فاعليات اليوم كان لنا لقاء مع القمص ميصائيل ذكري
سكرتير لجنة الإيمان والتعليم ( التربية الدينية)، والذي ألقى لنا الضوء على دور اللجنة وأعطى فكرة مختصرة عن هذه اللجنة، فقال:”لجنة التربية الدينية بدأت عام 2000م كلجنة فرعية من لجنة الخدمة والرعاية (إحدى لجان المجمع المقدس)، وكان مقرر اللجنة في ذلك الوقت نيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط البلد، ومع زيادة أعباء الخدمة على سيدنا الأنبا رافائيل انضم للجنة نيافة الأنبا تيموثاوس أسقف الزقازيق الحالي، بعد اختيار نيافة الأنبا رافائيل سكرتيرا للمجمع المقدس أصبحت اللجنة تحت إشراف ومسؤلية نيافة الأنبا تيموثاوس”.استمرت اللجنة في عملها حتى عام2017م ، حيث تم اختيار نيافة الأنبا هرمينا الأسقف العام لكنائس المطرية وعين شمس وحلمية الزيتون مقرر للجنة بعد اعتذار نيافة الأنبا تيموثاوس وأصبحت اللجنة منذ هذا التاريخ لجنة فرعية من لجنة الإيمان والتعليم (إحدى لجان المجمع المقدس).
وعن عمل اللجنة، أضاف القمص ميصائيل، أنه ينصب عمل اللجنة أساسا على الاهتمام بموجهي ومدرسي الدين المسيحي، وذلك من خلال عقد اللقاءات الدورية الثابتة لهم فتقيم اللجنة لقاءين ثابتين في السنة، اللقاء الأول مع بداية الترم الأول واللقاء الثاني مع بداية الترم الثاني من العام الدراسي وبعد تولى نيافة الأنبا هرمينا أسقف عام لشرق الأسكندرية استمر دعمه وقيادته للجنة التربية الدينية واستمراره في عقد اللقاءات والمؤتمرات التي تناقش كل ما يخص مادة الدين المسيحي وتشجيعه المستمر لموجهي ومدرسي الدين المسيحي للقيام بعملهم على أكمل وجه، فبجانب عملهم، هي خدمة لا تقل عن خدمة الخادم في الكنيسة .وتهدف هذه اللقاءات، إلى رفع المستوى الروحي والمعرفي للموجهين والمدرسين كيفية شرح الموضوعات العقيدية، تشجيع الموجه والمدرس للاهتمام بحصة الدين.عقد اجتماع لجنة الإيمان والتعليم- وهي إحدى لجان التربية الكنسية المنبسقة عن المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتخص موجهي ومدرسي التربية الدينية على مستوى أحياء القاهرة، وهم عشرة أحياء حي شبرا الشمالية- وسط القاهرة- مصر الجديدة- مدينة نصر- حدائق القبة – شرق السكة الحديد- المطرية وعين شمس- مصر القديمة المعادي- جنوب القاهر، بإجمالي 32 إدارة تعليمية.
وكان اجتماع ناجح بكل المقاييس سادة روح الود والمحبة ونقل الخبرات والتواصل بين جميع مدرسي وموجهي الدين المسيحي على مستوى أحياء القاهرة.