تفاقمت معاناة سكان قطاع غزة المنكوب، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بعد أن ضربت عاصفة قوية ومنخفض جوي عميق مختلف مناطق القطاع، مخلفةً سلسلة انهيارات وغرقًا واسعًا في المخيمات والمناطق السكنية، ما أدى إلى استشهاد 11 شخصًا وإصابة آخرين، في ظل ظروف إنسانية تُوصف بالأقسى منذ بداية الحرب.
وتعيش غزة، التي نزح معظم سكانها عدة مرّات بسبب العمليات العسكرية، أوضاعًا كارثية بعدما أغرقت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية آلاف الخيام المنتشرة في المناطق الساحلية والداخلية، وغطّت السيول مساحات واسعة من الأراضي المنخفضة، فيما قضى مئات آلاف النازحين ليلة جديدة وسط خيام مهترئة لا تقيهم البرد ولا الأمطار، منذ اشتداد تأثير المنخفض الجوي "بيرون" قبل ثلاثة أيام.
وقالت مصادر محلية إن 5 أشخاص استشهدوا وأصيب آخرون إثر انهيار منزل يؤوي نازحين في منطقة بئر النعجة ببيت لاهيا شمال القطاع، فيما أدى سقوط حائط كبير على خيام النازحين في حي الرمال غربي غزة إلى استشهاد شخصين، واستشهد فلسطيني آخر، الخميس، نتيجة انهيار جدار في مخيم الشاطئ.
واليوم الجمعة، سجّلت طواقم الإسعاف والدفاع المدني حالات استشهاد وإصابات جديدة نتيجة انهيار جدران منازل مدمّرة وخيام بدائية في مناطق متفرقة، وسط استمرار الخروقات الإسرائيلية التي تعيق عمليات الإخلاء والإنقاذ.
كما أُصيب طفلان بعد سقوط خيمتهما في "مخيم أبو جبل" بمنطقة العمادي، فيما أدى البرد القارس إلى استشهاد رضيعة داخل خيام النازحين في المواصي غرب خانيونس.
غرق مخيمات ونزوح جديد داخل النزوح
وتسببت السيول في غرق مخيمات كاملة في المواصي بخان يونس، كما تضررت مناطق واسعة في البصة والبركة بدير البلح، وفي السوق المركزية بالنصيرات، إضافة إلى منطقتي اليرموك والميناء في مدينة غزة، حيث شوهدت المياه وهي تجتاح الخيام والمساكن المتهالكة.
وأشارت طواقم الدفاع المدني إلى انهيار ما لا يقل عن عشرة منازل خلال الساعات الأخيرة، آخرها منزلان في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان، إضافة إلى إجلاء سكان منزل عائلة داربيه بعد انهيار مدخله في الشيخ رضوان، وإجلاء عائلة المدهون قرب دوار الكرامة شمال القطاع.
وأكدت الفرق الميدانية أن غالبية الخيام تضررت بفعل الرياح الشديدة، ما يهدد آلاف العائلات ببقاء مكشوفة للبرد والمطر، فيما تعمل فرق الإنقاذ بوسائل بسيطة للغاية ولا تمتلك معدات لشفط المياه أو الوصول إلى العالقين في بعض المناطق التي غمرتها السيول.
تحذيرات طبية من انهيار الوضع الإنساني
من جهتها، قالت الإغاثة الطبية في غزة إن الآلاف محاصرون داخل خيامهم منذ أيام بفعل السيول، مشيرة إلى غرق أربع نقاط طبية تابعة لها وتلف جزء من معداتها.
ولفت إلى أن كبار السن والأطفال هم الأكثر تأثرًا بالمنخفض الجوي، وأن التحذيرات السابقة بضرورة توفير ملاجئ مناسبة لم تلقَ استجابة.
وأضافت الإغاثة الطبية أنها تخشى من "انهيار المنظومة الغذائية" في حال استمرار المنخفض، في ظل صعوبة إيصال المساعدات وتضرر شبكات الإمداد داخل القطاع.
وأشارت تقارير أممية إلى أن الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب جعل معظم مباني غزة غير صالحة للسكن، ما اضطر مئات آلاف السكان إلى نصب خيام فوق الركام.
وقدّر تقرير للأمم المتحدة وجود 850 ألف نازح يعيشون في 761 مخيمًا وموقع نزوح مكشوفين بشدة لخطر الفيضانات.