في الذكرى الأولى لاستشهاد الأسقف.. باحثون يشيدون بمسيرة الأنبا أبيفانيوس
28.07.2019 06:35
تقاريركم الصحفيه Your Reports
البوابة نيوز
في الذكرى الأولى لاستشهاد الأسقف.. باحثون يشيدون بمسيرة الأنبا أبيفانيوس
حجم الخط
البوابة نيوز

مر عام على استشهاد الأنبا أبيفانيوس، الحدث الذى هز الأقباط والكنيسة فى مصر والعالم ومواكبة لهذا الأمر الجلل يقدم مجموعة من كبار الباحثين فى الكنيسة القبطية قراءة فى شخصية وفكر وسلوك الأسقف المشهود له بالتنوير والتقوى.

رجل الله

قال الدكتور ماجد منصور، الباحث فى القبطيات، فى تذكار العام الأول على انتقال أبونا الأنبا أبيفانيوس، أسقف ورئيس دير القديس العظيم الأنبا مقار، للديار الأبدية المنيرة والممجدة،لا أستطيع إلا أن أتذكر ما كتب عن رجل الله أخنوخ، الذى لا نعلم عنه سوى أنه كان بارا، ولم يستحق أن يبقى بالعالم المنظور، فاختطفه الله أو أخذه إلى سماواته، ولم يذكر عنه بالنص المقدس إلا هذه العبارة.

 

أبونا الأسقف المحتفى به اليوم مولود عام 1954، ودرس فى كلية الطب والتحق بالدير عام 1984، وسيم كاهن 2002، ثم اختير أسقفًا للدير بانتخابات حرة نزيهة من رهبان الدير، وسيم بيد البابا تواضروس الثانى عام 2013.

 

وكان نيافته راهبًا علامة أو عالمًا راهبًا، تلميذًا نجيبا لأب الدير العظيم العلامة الأب متى المسكين، فقد أتقن اللغات القديمة والحديثة وحقق ونشر كتبًا أو دراسات فى غاية الأهمية، ونذكر منها سفر التكوين عربى مترجم عن السبعينية، ومقارنة مع النص العبرى، والترجمة القبطية انظروا مقدار الجهد المبذول فى مثل هذا كتاب وترحال ما بين نصوص بثلاث لغات قديمة مختلفة ونقل كل ما فيها إلى العربية. وإذا ذكرنا باقى عنوانين كتبه سنجد أنها ليست مجرد كتب إنشائية والسلام، ولكنها جميعها تقريبا دراسات نصية لغوية تليق بعالم جليل باحث مسيحى وإنجيلى وأرثوذكسى رفيع المستوى.

 

فلدينا كتاب خولاجى الدير الأبيض، ترجمة عن القبطى ودراسة للنص والقداس الباسيلى النص اليونانى مع الترجمة العربية والقداس الغريغوري، النص اليونانى مع الترجمة العربية وقداس القديس مرقس أو القداس الكيرلسي ثم التحفة النسكية الرهبانية العظيمة وأهم كتاب كنسى تعلم منه الجميع فى الكنيسة فى القرن المنصرم بستان الرهبان وهو تحقيق علمى نصى لأول وآخر مرة لهذا الكتاب الخطير والأثير لكل قبطى فى العالم.

 

وأخيرا لدينا كتابان مهمان جدا أولهما تحقيق ونشر تفسير سفر الرؤيا للأنبا بولس البوشى أسقف مصر ومفاهيم إنجيلية وهو به عشرات من المقالات التفسيرية والتعليمية وكلها مكتوبة بلغة رصينة وفكر كنسى موسوعى منفتح ومفيد للجميع.

 

وقد دامت أسقفيته للدير، وبالتالى عضويته لمجمع الأساقفة حوالى الخمس سنوات، وقد علمنا بعد نياحته أنه قد شارك فى حضور بعض لجان واجتماعات الحوار مع الكنائس الأخرى أرثوذكسية أو غيرها، ممثلا لكنيستنا بتكليف من قداسة البابا، ومن المؤكد أنه مثل الكنيسة خير تمثيل، وحاول أن يوجد تقاربا مع الكنائس الشقيقة، ولكن لم يكتمل الأمر ليس بإرادته أو إرادتنا، ولكن بالمجرمين القتلة، واللذين كما اعتقد يستحقان أكثر وأقسى من حكم الإعدام الذى حكم به عليهما.

 

ويضيف الدكتور ماجد قائلا: أبونا الراحل قاد ورعى أبرشيته أى الدير المقارى بتفان ووداعة منقطعة النظير، وكان كما شهد عنه الكثيرون يحلو له إضافة زوار الدير والقيام بواجب تقديم الطعام والشراب لهم، من دون أن يكشف عن شخصيته ورتبته، وللعلم أنه دارس وباحث وعلامة وكانت جل أوقات خدمته فى الدير هى المسئولية عن مكتبة المخطوطات بالدير، وكان هذا يسمح له بالتبحر فى القراءة والترجمة والتحقيق للنصوص، وبالتالى إنتاج كتب قيمة، ولكن هذا لم يعوقه عن خدمة الاتضاع وغسل الأرجل التى أرساها وعلمنا إياها رب المجد.

 

وأضاف، ورغم إنى لم أتعرف على نيافته شخصيا، ولكنى كنت أراه مرات عديدة حاضرا للندوات الدراسية سواء فى القبطيات أو التراث العربى المسيحي، وكما شهدت قبلا لم أره ولا مرة واحدة يحمل عصا الأسقفية ولا يرتدى العمة الخاصة بها، ولا أذكر أنى سمعت صوته إلا عندما يدير جلسة من جلسات هذه الندوات، ولا أنسى وداعته وبساطته عندما سلمت عليه بعض المرات، وكان يحرص أن يجلس فى الصفوف الخلفية، وأتذكر أن هذا الأمر قد أتعبنى ضميريا إذ فى بعض المرات اضطررت أن أجلس فى مكان متقدم عنه.

 

ويكشف الدكتور والمترجم اللاهوتي، جرجس يوسف، الصراع الفكرى والأيديولوجي. ومن وراء مقتل الأسقف الأنبا ابيفانيوس. فيقول إن أكثر من أى شيء آخر، جلبت جنازة الأسقف أبيفانيوس الكثير من الأسئلة إلى طليعة العقل المصرى أكثر من الإجابات. قال البابا تواضروس الثاني: أنتم لا تتبعون فردًا معينًا، وذلك كجزء من كلمته أمام شركائه فى الخدمة الرسولية. ورنت جملته بصوت عالٍ على مسامع المدارس الأيديولوجية المختلفة: مدرسة الراحل البابا شنودة والمدرسة الكنسية للأب متى المسكين.

 

إذا قررنا الخوض فى أصل النزاع بين مدرستى الفكر، فعلينا أولًا أن نعود إلى أصل الفرق الأيديولوجى بين الرجلين الرمزيين الكبيرين وجذر العلاقة بين متى وتلميذه شنودة.. تمتع كلاهما بعلاقة جيدة انتهت لسوء الحظ بمصادمات أيديولوجية، مع عواقب أثرت على الكنيسة ومن المرجح أن تستمر فى التأثير على مستقبل الكنيسة.

 

خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، شهدت الكنيسة القبطية موجة من الرهبان والأساقفة والكهنة الذين حصلوا على مؤهلات جامعية. هؤلاء الرهبان كانوا مختلفين عن الرهبان الذين سبقوهم. لم يكونوا ينظرون إلى الدين فقط أثناء عزلتهم فى الصحراء، بل كانوا يطبقون ما يدرسون ويتعلمون على الحياة اليومية وكانوا مسلحين بالعلم والمعرفة الدنيوية التى سمحت لهم بمعرفة المعلومات المقدمة لهم. فى الواقع، انضم البابا شنودة أولًا إلى الدير بسبب تأثير متى المسكين.

 

ويضيف الدكتور جرجس قائلا أن بداية الخلاف ترجع عندما تم ترشيح الأب متى مرتين للعرش البابوي: أولًا كمنافس للبابا كيرلس بعد وفاة البابا يوساب الثانى فى عام 1956 ؛ والثانى منافسا للبابا شنودة بعد وفاة البابا كيرلس عام 1971.

 

قبل أن يصعد الأخير عرش القديس مرقس، فى عام 1971، عندما اختلفوا حول مراجعة كتاب التايمز فى عام 1961، عهد البابا شنودة بمراجعته، لكن الأول لم يتبع ملاحظة الأنبا شنودة، أسقف التعليم.

 

فى شريط فيديو مسجل، أكد البابا شنودة أنه أرسل ملاحظاته إلى متى أكثر من مرة، لكن الأخير مصمم على طباعة كتبه بنفس الطريقة التى قدمها بها قبل المراجعة، مما دفع البابا للرد على كتبه فى محاضرات فى المدرسة دون ذكر اسم المؤلف. ومن بين عباراته الشائكة، راهب مخلص، لكن ليس مدركًا لخطورة التعبير اللاهوتى الخاطئ، هكذا يصف البابا شنودة الأب متى فى كتاباته.

 

منذ بداية الستينيات وحتى أوائل القرن الحادى والعشرين، استمرت الخلافات الأيديولوجية بين متى وشنودة؛ ويدور أبرزها حول مسألة تأليه الإنسان، وعقيدة الكفارة والفداء، والنقد التوراتي، واستجواب أجزاء من إنجيل مرقس، ودور الأعمال الصالحة فى الخلاص، ومفهوم الوحدة مع المجتمعات الأخرى، وغيرها من القضايا.

 

وكان الأب متى المسكين قد حصل على مجموعة كاملة من كتابات الآباء المترجمة باللغة الإنجليزية فيما يسمى بمجموعة آباء نيقية وما قبل وما بعد نيقية. وعند قراءتها، تغيرت أفكاره وانعكاساته لتعكس قليلًا القراءات التى كان قد استكشفها بحكمة. وقد أظهر هذا فى كتاباته، حيث اعتقد أن توحيد جميع المسيحيين ممكن؛ ليس من خلال الحوار وحسب، بل ومن خلال تصرفات الآباء المعاصرين حيال بعض القضايا العقائدية والليتورجية المعلقة، وعلى رأسها ما يشاع فى الكنيسة برفض معمودية غير الأرثوذكس، وهو أمر روج له الراحل الأنبا شنودة الثالث وجناحه الأيديولوجي، كما رفض بشدة كل رؤى ومقترحات الراحل القمص الراهب متى المسكين الإصلاحية والتصالحية.

 

وبلغ الخلاف أشده عندما اختلف البابا شنودة مع الرئيس أنور السادات. جاء ذلك نتيجة تصعيد البابا ضد الدولة عندما قرر إلغاء الاحتفالات بعيد الفصح وعدم استقبال المسئولين بسبب ما حدث فى حادثة الزاوية الحمراء التى وقع فيها العشرات من الأقباط قتلى، نتيجة الصراع الطائفي. ولم يوافق الأب متى المسكين على تصرفات البابا شنودة وأجرى محادثات مع الرئيس السادات لتهدئة الأوضاع، وفقًا لمذكرات متى المسكين المنشورة بعد نياحته. وبشكل مذهل، لم تعكس مذكرات البابا شنودة هذا، بل سجلت أن اللقاء بين متى والسادات زاد الأمور سوءًا وتعقيدًا.

اليوم الحزين فى تاريخ الكنيسة القبطية

ويستطرد الدكتور جرجس قائلا، وذات يومٍ أسود حزين فى تاريخ الكنيسة القبطية، لم يشهد له التاريخُ الكنسى مثيلا، اغتيل أسقفٌ فاضل ومعلم مسكونى وباحثٌ رصين وراهب ناسك، وأب حنون، وطبيب سابق هو الأنبا أبيفانيوس رئيس دير (أبو مقار) بصحراء وادى النطرون. وكان خبر مقتله صادما للجميع.

 

وقد تنيح أو توفى الأنبا أبيفانيوس، بل بالحرى قُتل غدرا، وهو أسقف قبطى أرثوذكسى وباحث ورئيس دير القديس مقاريوس (الأنبا مقار) فى وادى النطرون، بمصر، فى 29 يوليو 2018 عن عمر يناهز 64 عامًا.

 

وعلق البابا تاوضروس الثانى بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على مقتله بقوله إن الأنبا أبيفانيوس كان راهبًا حقيقيًا،حياته مفعمة بالوداعة والتواضع، وهو أيضا عالم كان يمتلك ثروة من المعرفة التى أثمرت البحوث والمنشورات فى مختلف فروع الدراسات الكنسية.

 

وكتب الأنبا سوريال أسقف ملبورن، أستراليا، تكريما لزميله الأسقف القبطى على وسائل التواصل الاجتماعي: كان لديه شغف لرؤية الكنيسة تتطور فى تعليمها اللاهوتى فى مصر والخارج. إن ما حدث له خارج قلايته هو بالفعل مأساة ذات أبعاد هائلة لن نتذكرها فى ديره فحسب بل فى جميع أنحاء المجتمع القبطى وخارجه، حيث كان يحظى باحترام الكثيرين فى جميع أنحاء العالم.

 

قبل أن ينضم للدير ويصبح كاهنًا، كان أنبا أبيفانيوس يعمل طبيبا.

 

وهناك ملاحظة مهمة وهى أن أبيفانيوس كان مسئولًا عن مكتبة المخطوطات والمراجع الضخمة للدير والتى تحتوى على مواد لا تقدر بثمن بلغات مختلفة. وقد عمل الدير على ترجمة العديد من الكتاب المقدس من اليونانية إلى العربية.

 

وأرسل البابا القبطى مسئولين للتحقيق إلى جانب السلطات المصرية، وفقًا للتقارير الإخبارية. حيث تم توجيه الاتهام إلى راهبين من دير الأنبا مقار بقتل الأنبا أبيفانيوس، وهو عالم لاهوت مصرى يحظى بالاحترام بسبب ترجماته العربية لمصادر مسيحية مبكرة مكتوبة باللغة اليونانية القديمة واللغة القبطية السابقة على الإسلام. ويربط الكثيرون بين جريمة القتل ومعارضى الجهود المسكونية التى يقوم بها أبيفانيوس،

 

وقد اعترف راهب شاب بقتل أسقف الدير، وشلح من رهبنته وعزل وطرد، وفقًا لما أوردته الفاتيكان. وهو راهب منحرف كان قد سبق ضبطه لسوء السلوك. ولكن دافع القتل غير معروف بعد. وقد حصل المحققون على اعتراف من الراهب وائل سعد البالغ من العمر 34 عامًا بعد محاولة عضو آخر الإقدام على الانتحار، وهو ريمون رامى رمزى منصور، 33 عامًا، الذى أشيع أنه ضالع فى الجريمة.

 

وفى إيداعات المحكمة فى 3 سبتمبر، قال المدعى العام بالإسكندرية إن الراهبين قتلا أبيفانيوس بسبب خلافات أيديولوجية ومالية.

 

كان الأنبا أبيفانيوس هو الرجل البارز فى جهود البابا القبطى تاوضروس الثاني، للتوفيق بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والفاتيكان. وكان البابوات الرومان والأقباط قد سبق واستكشفوا خطوات نحو الاعتراف المتبادل بطقوس المعمودية ومواقع الحج المقدس وحتى التوفيق بين التقاويم الليتورجية.

 

وقيل إن الأسقف أبيفانيوس كان يشكل تهديدًا للتقليديين بعد أن استخدم المخطوطات من دير القديس مكاريوس لإثبات أن الكنيسة المصرية لم تكن تعيد تعميد الكاثوليك حتى القرن التاسع عشر.

 

قبل أربعة أشهر من القتل، بدأ الرهبان المتشددون وغيرهم فى انتقاد أبيفانيوس بعد أن أخبر مؤتمر فى القاهرة حول المسيحية فى الشرق الأوسط أن شرط إعادة المعمودية كان من مخلفات المنافسة بين الكنائس الأرثوذكسية الرومانية والمصرية عندما وصل المبشرون الكاثوليك الأوروبيون إلى مصر فى القرن التاسع عشر.

 

ويرفض العديد من الأقباط مفهوم الوحدة ويبثون مشاعرهم على صفحات التواصل الاجتماعي، وثمة جماعة تطلق على نفسها جماعة حماة الإيمان، وهى مجموعة برزت فى معارضة إصلاحات الأنبا تواضروس، لا توافق على نوايا المصالحة مع غير الأرثوذكس.

صوته ما زال باقيا

الباحثة سلفانا جورج، قالت رغم مرور عام على رحيل الأنبا أبيفانيوس اعتذر عن الكتابة عنه لأن الأمر صعب، وتضيف الأنبا أبيفانيوس كان بالنسبة لى قدوة وكان آخر حديث معى معه قبل وفاته بساعات كنت أكلمه يوم السبت الساعة الخامسة مساء على الفايبر، وعرفت الخبر الأحد 29 يوليو صباحا فصوته ما زال باقيا فى ودنى حتى الآن.

علاج الرهبنة

يقول الباحث المتخصص فى المخطوطات القبطية، إسحاق ابراهيم الباجوشي، لقد عاش الراحل الكريم بالتلمذة الحقيقية على يد آباء الرهبنة الأوَّل من خلال كتاباتهم وتعاليمهم متجسدة فى شيوخ البرية الأتقياء، ومن حيث إن الرهبنة وخاصة برية القديس مكاريوس هى الخط الدفاعى الأول عن الإيمان المسيحى والعقيدة الأرثوذكسية بعد المجامع ومدرسة الإسكندرية، فكانت الضرورة موضوعة على آبائها أن يكونوا حائط صد للتعاليم الخاطئة وكذلك توطيد دعائم الإيمان المسيحى الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ وليقفوا وراء الشعب القبطى الذى يمثل الحارس الأصلى والأول لإيمانه وعقيدته وقوام ليتورجيته، لذا نرى الراهب أبيفانيوس المقارى ينبرى فيجمع من رحيق أزهار التعاليم الآبائية والرهبانية فلاحًا فى بساتين العلوم المسيحية واللاهوتية والعقائدية منتقلًا بين أغصانها ليقوم بتعلم اللغات القديمة من اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية القديمة وكذلك القبطية بلهجتيها الصعيدية والبحيرية، وكذلك اللغات الحديثة وهذا ما مكنه من كتابة وإخراج العتقاء جددًا فأبدع وأينع وأخرج ثمرًا فقد أثمر فى الدراسات الكتابية ترجمات عن السبعينية مقارنتها بالعبرية والقبطية أسفار التكوين والخروج واللاويين ولعل هناك أسفار أخرى لم تنشر بعد، وكذلك فى الدراسات الليتورجية خولاجى الدير الأبيض والقداس الباسيلى والغريغورى والكيرلسى وذكصولوجية باكر الخاصة بأنبا مقار والتى قدمها فى مؤتمر القبطيات المنعقد فى روما 2012م،... وغيرها، وفى الدراسات الآبائية من خلال كتابات بطرس السدمنتي، والدراسات اللاهوتية وتفسير الكتاب المقدس من خلال ميامر الأعياد وتفسير سفر الرؤيا لبولس البوشى أسقف مصر فى القرن الثالث عشر والذى يُطلق عليه أثناسيوس الجديد، الذى كتب باللغة العربية، والدراسات الرهبانية والروحية من خلال تحقيق بستان الرهبان والجداول الدراسية الملحقة به واشتراكه فى فردوس الآباء، وعظاته وتعاليمه فى مجلة مرقس، وقام بتشجيع وتعضيد الكثيرين على البحث والدراسة، ولنا تجربة خاصة معه فقد احتجنا صورة من مخطوط بدير أبومقار أثناء البحث فى سيرة مار يوحنا الهراقلى فى المصادر العربية (لشهدى فوزى وإسحاق الباجوشي) فقام بإرسال صورة المخطوط عبر الايميل ولم يتوان فى مساعدتنا ومساعدة الكثيرين وكذلك الدير فى عهده الميمون، وهو أمر نذكره لأنه لا تفعله الكثير من الأديرة القبطية التى تحجب مخطوطاتها ومكتباتها عن الباحثين من أبناء الكنيسة وغيرهم.

 

ويستكمل إسحاق قائلا: الأمر الثانى الذى نبغ فيه أو حاول أن يكتب روشته علاجه هو المرض الذى تعرضت له الرهبنة القبطية كما يدعوه فقد تحدث عن تشخيص المرض وأراد الإصلاح الرهبانى والرهبنة والأديرة من خلال تشخيص المرض والسعى فى علاجه وهم ثلاثة عضال (حب وشهوة الكهنوت، وشهوة جمع المال، وكذلك العلاقات والتعاملات الزائدة مع العلمانيين وربما يقصد بذلك السيدات) فبحسب الرهبنة لا يكون لك دالة مع العلمانيين، وأسرد يقول رسمونا كهنة متشكرين، ما هو ذنب الجيل القادم أن يستلم كأسا مرا ويقول إن المر الذى شربناه لا نريد أن يشربه الجيل الذى يلينا وطالب بالعودة للأصول الرهبانية، وطالب قيادة الكنيسة والرهبنة متمثلة فى قداسة البابا والمجمع المقدس ورؤساء الأديرة وكذلك الرهبان أنفسهم، ويقص كيف سيم كاهنا بطلب وإجبار من الأب متى عام 2002م ليساعد الأب كيرلس المقارى وكذلك ظل يصلى الصلوات السرية (صلوات مكتوبة تتلى فى القداس سرًا) وعندما قبل الاسقفية 2013م لم يكن طلبه، ويقول عشنا بعيدًا عن الكهنوت وكنا فرحانين نحن ترهبنا لا لنكون رؤساء وأن وجود الكهنوت فى الدير جعل منه شهوة للرهبان وأدرج قائلًا: إن لم تُبصر لا تشتهي وهذا ما دعا إليه الأب الشهيد من نقاوة الحياة الرهبانية من الشهوات الثلاث (الرئاسات والمقتنيات والسيدات) وبذلك يكون فرصة للراهب أن يقوم بعمله الخاص الموكل به إليه من قبل مُدبر الدير وخدمته وكذلك ينتج للكنيسة ما تحتاجه من إجابات وتعاليم وكتابات للعديد من الأسئلة فى هذا العالم المتغير، والذى انحدر بعمق وسرعة إلى هوة الإلحاد واللادينية، وجمعنا لقاء بهذا الأب الجليل فى جمعية الآثار وكم كانت دهشتنا إذ شهد أمام القمص يوسف الحومى بمتابعته لما نقوم به، ومن مواقفه الرهبانية عدم موافقته أن يقوم أحد بخدمته، كذلك تواضعه الجم فكان يكرر مع سيده وربه إن ابن الإنسان جاء ليخدم لا ليُخدَم.

 

هذان الأمران ما طالب بهما المتنيح، وكثيرًا ما كان يردد أن نجاح الكنيسة يكمن فى أمرين أولهما نجاح المعاهد اللاهوتية والتعليمية وكذلك نجاح الطريق الرهباني، فإذا أُصلح الأمران أُصلحت كل أمور الكنيسة، فقد كان مُصرًا بل مقاتلًا لأجل الأمانة والتعليم وكذلك العودة للأصول الرهبانية الأولى، وهو ما يلقى قبولًا عند كثيرين من الرهبان الأتقياء ولكنه على الجانب الآخر يُضاد فكر البعض منهم.

 

فقد اغتالته يد الغدر وهو فى طريقه للكنيسة للصلاة فجر الأحد فعيَّد فى الملكوت، هكذا عاش وهكذا مات باذلًا مضحيًا منيرًا وهذا كله كان من حيثيات الحكم الغادر عليه بالموت من قبل الأثمة ولسان حالهم يموت واحدًا عن الرهبنة لكى يتعرى من ثيابه فتتعرى الأديرة من بعض الثياب الزائفة ويلبس ثياب العُرس لتلبس الرهبنة ثوبها الجديد الأول ومحاولة للعودة لما كان عليه آباؤها، فقاتِلوه عالمون أنه حجر عثرة وصخرة شك كسيده أمام شهواتهم وطموحاتهم وسلطانهم الذى وُضِعّ فى الشرير فمات حامل الصليب، مات الراهب البار ولكنه إن مات يتكلم بعد فى عظاته وتعاليمه وكتاباته فهو أيقونة حية سفير للمسيح، وإن كنا نشتهى الانطلاق كما كان يشتهى ولكننا لا نُبغض الحياة والحق لأن الرب نفسه قال أنا هو الطريق والحق والحياة.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.