
رغم إعلان النظام الحاكم في ميانمار تنظيم انتخابات عامة في ديسمبر المقبل، إلا أن المشهد السياسي في البلاد يوحي بأن العملية لن تكون ديمقراطية بحال من الأحوال، بل أشبه بـ"مسرحية انتخابية" تهدف لتجميل صورة الحكم وإرضاء بعض القوى الدولية، وعلى رأسها الصين.
وبحسب تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، فإن هذه الانتخابات قد تتحول – رغم صوريّتها – إلى أداة لإزاحة الجنرال مين أونغ هلاينغ أو على الأقل تقليص نفوذه، بعد أن قاد انقلابًا عسكريًا في فبراير 2021 أطاح بالزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي، وأدخل البلاد في أتون حرب أهلية وانهيار اقتصادي خانق.
حكومة انتقالية بلا تغيير
في نهاية يوليو الماضي، أعلن هلاينغ تشكيل حكومة انتقالية جديدة، إلا أن هذا التغيير لم يحمل أي مضمون سياسي حقيقي، إذ ظل الجيش ممسكًا بمقاليد السلطة كاملة، بينما تم الترويج للخطوة كجزء من التحضير للانتخابات الموعودة منذ انقلاب 2021.
لكن العقبة الكبرى أمام أي تنافس سياسي جاد هي قرار النظام حظر حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" – الفائز الساحق في آخر انتخابات حرة عام 2020 – ما يعني أن السباق الانتخابي سيكون مفتوحًا فقط أمام القوى الموالية للنظام، وعلى رأسها حزب "الاتحاد للتضامن والتنمية".
بكين.. الراعي الخفي للانتخابات
التقرير يشير إلى أن الصين كانت اللاعب الأكثر تأثيرًا في الدفع نحو إجراء الانتخابات، فبكين، التي تملك مصالح استراتيجية ضخمة في ميانمار، خاصة في مشاريع البنية التحتية والطاقة، تخشى انهيار الدولة بالكامل على حدودها الجنوبية، ما قد يهدد استثماراتها وأمنها الحدودي.
ولتحقيق هذا الهدف، مارست بكين ضغوطًا على الفصائل المسلحة من الأقليات العرقية المنتشرة على الحدود الشمالية، وأقنعتها بوقف القتال، إعادة بعض المناطق التي سيطرت عليها، وقطع أي علاقات مع قوى المعارضة المؤيدة للديمقراطية، التي تعتبرها الصين امتدادًا للنفوذ الغربي.
ورغم دعمها المعلن للنظام، يرى مراقبون أن الصين لم تعد مقتنعة بكفاءة الجنرال هلاينغ، وتفضل بقاء المؤسسة العسكرية في السلطة لكن بواجهة مدنية اسمية، قد تكون أكثر قبولًا دوليًا وأقل إرباكًا لمصالح بكين.
ورغم الضغوط الصينية لإجراء الانتخابات في موعدها، يلفت التقرير إلى أن هلاينغ قد يلجأ لإلغائها بالكامل إذا شعر أن نتائجها قد تهدد موقعه أو تقلص سلطاته، حتى وإن أدى ذلك إلى توتر علاقاته مع بكين. فبالنسبة له، الحفاظ على السلطة يبقى أولوية مطلقة، حتى على حساب التحالفات الخارجية.