كيف أصبحت «خيانات فيس بوك» دليل زنا فى أحكام الطلاق؟
22.08.2017 13:07
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
الدستور
كيف أصبحت «خيانات فيس بوك» دليل زنا فى أحكام الطلاق؟
حجم الخط
الدستور

«لا طلاق إلا لعلة الزنا».. قاعدة تلتزم بها الكنيسة الأرثوذكسية فى مسائل الأحوال الشخصية، أدت إلى معاناة عدد كبير من الأقباط، بعد حصولهم على أحكام الطلاق القانونية، دون الحكم الكنسى، ما دفعهم إلى الانتظار لسنوات طويلة، للحصول على حق الزواج الثانى، دون طائل. 

 

لكن مفهوم «الطلاق لعلة الزنا» شهد خلال السنوات الأخيرة تغييرا كبيرا، بعد دخول عصر التكنولوجيا، ومواقع التواصل الاجتماعى، ليصبح «زنى السوشيال ميديا» أحدث مفاهيم العلاقات الجنسية غير الشرعية، التى تستدعى الحصول على أحكام نهائية قضائية وكنسية بالطلاق بين الزوجين.

 

وصاحب تطور التكنولوجيا تطورٌ آخر فى القوانين الكنسية، بعد صدور لائحة الأحوال الشخصية للأقباط عام ٢٠٠٨، وتولى الأنبا دانيال رئاسة المجلس الإكليريكى للقاهرة والجيزة المختص بالنظر فى قضايا الأحوال الشخصية للأقباط، ما ساعد على إقرار «الزنا الحكمى»، سببا للطلاق، ومنح المتضررين حق الزواج الثانى.

 

البداية كانت فى يناير الماضى، حين أصدرت محكمة الأسرة، فى النزهة، قرارا نهائيا بالتطليق، بعد ثبوت الزنا على الزوجة «ك. ك»، إثر طلب الزوج «أ. ث» للطلاق، نظرا لاكتشافه وجود مراسلات على موقع «فيسبوك»، بين الزوجة وطرف آخر، تثبت خيانتها.

 

واستندت المحكمة فى قرارها إلى أن الزوجة أقامت علاقة غير شرعية، تم إثباتها بموجب مكاتبات ومراسلات وتسجيلات صوتية، وكانت هى أساس الدعوة المقامة للحصول على الطلاق، طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس، التى ينتمى إليها الطرفان.

 

ونصت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط على أنه يجوز لكل من الزوجين أن يطلب التطليق بسبب زنى الزوج الآخر، ويعتبر فى حكم الزنا أى عمل يدل على الخيانة، من خلال ظهور دلائل، أو أوراق صادرة من أحد الزوجين لشخص غريب، تدل على علاقة غير شرعية بينهما.

 

وطبقا للائحة ٢٠٠٨، صدقت المحكمة على دعوة التطليق، وقرر المجلس الإكليريكى، المختص بقضايا الأحوال الشخصية بالكنيسة، تأكيد قرار المحكمة بطلاق الزوجين، وفقا لإثبات خيانة الزوجة، بدلائل مراسلاتها على مواقع التواصل الاجتماعى مع شخص آخر، ثم منحت الكنيسة الزوج الحق فى الزواج الثانى، نظرا لعدم إدانته، وإدانة الزوجة بالخيانة، فى سابقة لتنفيذ مفهوم الطلاق الحكمى.

 

الأمر نفسه تكرر فى حكم محكمة استئناف القاهرة، فى القضية رقم ٢٧٢٦، لعام ٢٠١٦، أحوال شخصية، الذى قضى بالطلاق لصالح الزوجة «ل. ع»، فى قضيتها ضد زوجها «ج. م»، بسبب تحريضه لها على ممارسة الفسق على مواقع التواصل الاجتماعى، والضغط عليها لإقامة علاقات غير شرعية مع شخص غريب. 

 

واستندت المحكمة فى حكمها إلى تحريض زوجها على ممارسة الفسق إلكترونيا على مواقع الإنترنت، بالإضافة إلى الضغط عليها لممارسة أعمال منافية للآداب فى إحدى العوامات نظير مبالغ مالية، وهو ما رفضته الزوجة.

 

وأصدرت المحكمة قرارها بالحكم بالطلاق، طبقا للمادة ٥٠، من بند ٣، من لائحة الأقباط الأرثوذكس، التى تنص على أنه فى حال تحريض أحد الزوجين الطرف الآخر، على ممارسة الفسق، فإن ذلك يكون سببا فى طلاقهما، وبطلان هذا الزواج الموجب بعقد كنسى.

 

وبعد حكم المحكمة، صدق المجلس الإكليريكى بالكنيسة على القرار، ومنح الزوجة حق الطلاق الكنسى، والتصريح بالزواج الثانى، لعدم إدانتها فى أى جريمة تثبت خيانتها.

 

وفى واقعة ثالثة، حكمت محكمة البساتين بطلاق المدعى «ر. م»، من المدعى عليها «أ. ع»، بعدما أثبتت المحكمة وجود علاقة غير شرعية مع شخص غريب، وإدانة الزوجة، من خلال مراسلات على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».

 

ورغم أن الكنيسة لم تقر الطلاق بسبب علة الزنا الحكمى، واكتفت بإقراره بسبب اختلاف الملة بين الطرفين، حفاظا على مستقبل الأطفال، إلا أنها منحت الزوج تصريحا بالزواج الثانى، ما يعنى وضعها فى الاعتبار حكم الطلاق، بسبب «زنى السوشيال ميديا».

 

قال بيتر رمسيس النجار، المحامى المختص فى شئون الأحوال الشخصية للأقباط، إن المحاكم المدنية تستند فعلا فى بعض أحكامها إلى إثبات الزنا والخيانة من خلال المراسلات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعى، وتقضى بالانفصال بين المتزوجين من الأقباط.

 

وأضاف: «بعد حصول أحد الزوجين على طلاق المحكمة، يأتى دور المحاكم الكنسية، المتمثلة فى المجلس الإكليريكى، الذى يعمل فيه فريق مختص، لبحث حيثيات قرار المحكمة المدنية».

 

وأشار «النجار» إلى أن الكنيسة لم تكن فى الماضى تقر أحكام القضاء فى حالات الانفصال، ولا تمنح أصحابه حق الانفصال الكنسى، إلا أن الأمر تطور كثيرا فى الوقت الحالى، بعدما أقرت عددا من حالات «الطلاق الحكمى»، وأثبتت حالات الخيانة والزنا، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى.

 

وذكر أن إجراءات الطلاق كانت تستغرق قديما أكثر من ١٠ سنوات، إلا أن المجلس الإكليريكى فى عهد الأنبا دانيال شهد تطورا ملحوظا، وأصبحت القضايا تستغرق مدة لا تزيد على ٦ أشهر، ما يدل على الجدية فى إنهاء أزمة متضررى الأحوال الشخصية من الأقباط، مشيرًا إلى أن الكنيسة تعمل حاليا على سرعة إصدار القانون الموحد للأحوال الشخصية، لتخفيف المعاناة عن المتضررين من أبناء الكنيسة.

 

وقال هانى عزت، مؤسس حركة «منكوبى الأحوال الشخصية»، إن خطوة الأحكام الكنسية فى إقرار «الزنا الحكمى» هى مؤشر جيد، لإنهاء معاناة المتضررين الذين يريدون الحصول على الطلاق الكنسى، مشيدا بالتطورات التى حدثت فى عهد الأنبا دانيال.

 

وطالب «عزت» أن يتضمن القانون الجديد الذى سيصدر قريبا، ويختص بالأحوال الشخصية للأقباط، على بنود تشير إلى «الزنا الحكمى»، و«زنى مواقع التواصل الاجتماعى»، نظرا لانتشار هذه الظاهرة فى الوقت الراهن، إذ يصعب إثباتها فى بعض الحالات.

 

وأوضح أن كثيرين يستطيعون الادعاء بسرقة حساباتهم الخاصة، للهروب من العقاب، ما يتطلب تدخل المحاكم الكنسية والمدنية للتحقق من الأمر، مشيرا إلى أن جميع متضررى الأحوال الشخصية من الأقباط ينتظرون القانون الجديد، من أجل إنهاء معاناتهم التى استمرت سنوات كثيرة مع المجلس الإكليريكى القديم. 

 

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.