القمص أنجيلوس جرجس يكتب: صراعات أباطرة روما وتأثيرها على الأقباط
11.02.2019 06:51
Articles مقالات
البوابة نيوز
القمص أنجيلوس جرجس يكتب: صراعات أباطرة روما وتأثيرها على الأقباط
حجم الخط
البوابة نيوز

بقلم القمص أنجيلوس جرجس

منذ أن احتل الرومان مصر وصارت مصر ولاية رومانية أصبح كل ما يحدث في روما له تأثير على مصر، فقد نشروا بالعنف الديانة الرومانية وخاصة عبادة الإمبراطور وشيدوا هياكل ومعابد له، وقد نشروا ثلاث فرق كبيرة من الجيش الروماني في مصر، وبنوا مدن ذو طابع روماني.

 

وكانت الإسكندرية لها طابع خاص مختلف عن باقي مدن مصر وقد كان تتنازع سيادتها الاجتماعية والفكرية بين اليهود والإغريق ولكن دخل الرومان وقد فرضوا أيضًا وجودهم عسكريًا.

 

أما المصريون الأقباط لم يعد لديهم من يعلمهم الفكر المصري القديم بعد غلق المعابد وتشريد الكهنة، وبعد أن أضر الإغريق بالفكر المصري إذ أخذوا أسماء آلهة مصرية وجعلوها آلهة لهم بصورة وثنية، ومن هنا جاء الخلط الكبير الذي لا يدقق في هذا التطور الفكري لا يستطيع أن يفرق بين الفكر المصري الحقيقي والفكر اليوناني الروماني الذي اتخذ أسماء آلهة مصر وعبدوها كأوثان.

 

ولكن ظل المصريون في داخلهم ثلاثة أفكار أساسية في عبادة الإله أولًا أنه الواحد العظيم الخالق. ثانيًا أنه توجد حياة أخرى بعد الموت. ثالثًا أنه يوجد حساب ينتظره البشر أمام الإله لذلك يجب فعل الخير والبعد عن الشر.

 

وإذا تركنا الحالة الدينية نجد أن أباطرة روما قد نشروا الفساد في أغلب عصورهم وبعد وفاة أغسطس قيصر 14م تولى العرش أبنه بالتبني طيباريوس قيصر، وكان عهده استقرار ورخاء حتى أنه سحب أحد الفرق الرومانية من مصر، وقد جاء إلى مصر ابنه بالتبني وولي العهد جرمانيكوس وقد زار مصر كلها عبر النيل وانبهر بالحضارة المصرية وتقارب مع المصريين وأحبهم وأحبوه مما أثار غضب أبيه، وعند رجوعه دس له السم وقتله.

 

ومن أشهر كلمات طيباريوس عن مصر حين تجاوز والي مصر الروماني في فرض الجزية والضرائب على المصريين وأرسل أموالًا طائلة للإمبراطور فقال له "لقد أرسلتك لكي تجز غنمي ولا لكي تسلخها". وتوفي طيباريوس عام 37م وتولى كاليجولا ابن جرمانيكوس عرش الإمبراطورية.

 

وكان كاليجولا طويل القامة، ضخم الجسم، كثيف الشعر، مصابًا بالصرع وبعد سنة من جلوسه على العرش حدثت فتنة من يهود الإسكندرية وكانوا يسكنون الحي الرابع من المدينة وكانوا اعتادوا أن يأخذوا حريتهم في العبادة وكان لهم مجلس شيوخ خاص بهم وحاولوا السيطرة على المدينة مما أثار مشاعر الإغريق وصارت فتنة وكان القتلى في الشوارع.

 

فاستنجدوا بالأمير أغريبا حفيد هيرودس -الذي كان يريد أن يقتل المسيح طفلًا- وكان أغريبا صديقًا للإمبراطور الذي قبض على الحاكم الروماني وحاكمه على هذه الفتنة وأعدمه. إلا أن الإغريق أرسلوا أحد زعمائهم الذي أعلم الإمبراطور بأن اليهود دمروا أحد المعابد الرومانية التي أنشئت لعبادة كاليجولا مما أثار غضبه وقد أمر أن يوضع له تمثال في هيكل اليهودي في أورشليم، فقد كان كاليجولا يعتبر نفسه لا يقل شأنًا عن إله الرومان جوبيتر، وقد حطم تماثيل الآلهة الرومانية ووضع تمثاله مكانهم. وقد زعم مرة أن إلهة القمر نزلت إليه وعانقته. وقد خصص كهنة لتقديم القرابين إليه. وقد أطاحت السلطة والعظمة بعقله حتى أنه كان يحب جواده جدًا فعينه ضمن أولئك الكهنة، وقد عاشر شقيقاته كلهن معاشرة الأزواج، فلم تكن تروقه امرأة حتى ينتزعها من زوجها. هذا بجانب لذته في تعذيب ضحاياه وكان يلقي بالمساجين طعامًا للوحوش. وبعد أربعة سنوات قتله أحد ضباط الحرس الإمبراطوري وقتلوا معه زوجاته وكان هذا عام 41م. واختاروا عمه كلوديوس ليكون القيصر، فهو حفيد أغسطس قيصر.

 

وقد تجددت فتنة اليهود في الإسكندرية وقد أنذر اليهود أن لا يجلبوا مزيداَ منهم من فلسطين إلى الإسكندرية. وقد حاول أن يصلح ما فعله السابق، إلا أنه بعد فترة وجيزة انحرف أيضًا في شهوات، وأدارت عقله النساء إلى أن تزوج أغريبينا التي ترملت مرتين وأنجبت نيرون وأقنعت الإمبراطور بأن يكون هو ولي العهد. ثم دست السم له ليجلس نيرون على العرش عام 54م. وقد أطلق على نفسه العديد من الألقاب المصرية التي نقشت على المعابد في مصر مثل "الحاكم القدير" و"سيد الشمال والجنوب" و"ابن الشمس". وظهرت النقوش بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية واللاتينية، وقد أعد حملة لغزو بلاد النوبة.

 

وكان نيرون صغيرًا في السن وغير سوي وقد أحاط نفسه بالعاهرات، وكان يتخفى في الليل مع أصدقاءه يغتصبون النساء ويسلبون الرجال في الشوارع ويقتلونهم. وقد كان مغرمًا بالرقص والتمثيل والغناء، فإنه ذهب إلى اليونان وأقام حفلًا رقص فيه وغنى وحين صفق له اليونانيين أعفاهم من الجزية. وكان يقتل كل من يشك فيه، فلما علم بانتشار المسيحية أحرق روما وجلس يغني وهي تحترق ثم خرج على الشعب وقال لهم إن المسيحيون هم الذين أحرقوا المدينة. وأصدر أمرًا بقتل كل المسيحيين. ويقول تاسيتوس أنه كان يضع المسيحيين في جلود الحيوانات ويطرحهم للوحوش، ويطلي بعضهم بالقار ويعلقهم في الشوارع ويضرم فيهم النار ليستضيء بهم في الليل وهو يمر.

 

وقد ثار عليه حاكم فرنسا وأنضم إليه قائد الجيش الروماني في إسبانيا وأعلن مجلس الشيوخ أن نيرون عدو الشعب ففر هاربًا وتوسل إلى أحد الجنود أن يضع السكين في فمه ليموت عام 68م. وبموته انتهى حكم أسرة يوليوس قيصر، والغريب أن في كل زمان يجلس على عرش أعظم الدول هؤلاء المجانين الذين يسيئوا إلى البشرية كلها.

 

وفي ثلاثة عشر عامًا جلس على العرش أربعة أباطرة مما يبين حالة عدم الاستقرار كان آخرهم تيطس الذي حاصر هيكل أورشليم وهدمه تمامًا فنزح الكثير من اليهود إلى الإسكندرية. إلا أن هذا الصراع على العرش في روما جعل مصر في حالة هدوء، فانتشرت المسيحية إلى أن جلس على العرش دومتيانوس عام 81م الذي أقنعه اليهود بأن المسيح كان يريد أن يصير ملكًا وأن المسيحية تهدد عرش روما فأمر بقتل كل المسيحيين في أنحاء الإمبراطورية الرومانية وقد قبض على القديس يوحنا ووضعه في زيت مغلي ونفاه إلى جزيرة بطمس.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.