الأنبا موسى يكتب .. سلبيات وسائل الإعلام
25.08.2019 11:34
Articles مقالات
المصرى اليوم
الأنبا موسى يكتب .. سلبيات وسائل الإعلام
حجم الخط
المصرى اليوم

بقلم الأنبا موسى

ذكرنا فى العدد الماضى كما أن لوسائل الإعلام إيجابيات لها أيضًا سلبيات وذكرنا منها:

 

1- التأثير الروحى.

 

2- التاثير الثقافى.

 

3- التأثير السلوكى

 

4- التأثير العائلى:

 

ونقصد به أثر التليفزيون والإنترنت على العلاقات الأسرية، ليس فقط من جهة احتمال تشجيع أحد الزوجين على السلوك المنحرف كسعى الزوج للزواج من أخرى، أو للطلاق من زوجته أم أولاده، ولكن من جهة تفتيت أو تفكيك الأسرة. فمعروف أن الكبار يحبون مشاهدة برامج معينة، إخبارية أو ثقافية، بينما يحب الشباب مشاهدة مباريات الكرة، والشابات الأفلام الرومانسية. وهكذا، إذ لا يتفق الجميع على مشاهدة واحدة، يكون لكل منهم موبايله أو تليفزيونه الخاص فى حجرته، ليشاهد ما يروق له.. أضف إلى ذلك ما يختاره من مواقع الإنترنت.

 

وهكذا تتفكك الأسرة، وتكاد لا تجتمع، لا للصلاة، ولا حتى للعشاء معًا، فى روح الألفة والمحبة.

 

■ وفى التجربة التى ذكرناها سابقًا، حينما أغلقت مجموعة من الأسرات أجهزة التليفزيون لمدة شهرين طواعية، لاحظ الباحثون أن:

 

1- الأسرة بدأت تتماسك، إذ اجتمعت الأسرة كثيرًا لتناول الطعام أو التسامر، وأعطى الوالدان وقتًا للاستماع لمشاكل أولادهم وبناتهم... إلخ.

 

2- الأسرات بدأت تتزاور.. فمع الفراغ الذى أنشأه إغلاق التليفزيون، وجدت الأسرات وقتًا أوسع للتزاور وتكوين علاقات محبة بناءة..

 

فالتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى فى غاية الخطورة، إنهما يهددان نسيج الأسرة الواحدة، والمجتمع بأسره.

 

■ إن التليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى واليوتيوب تقدم مسلسلات جميلة، تحث الأسرة على الترابط والتماسك، وتنشر فى أجيالنا المحبة والإيثار والفضيلة.. أما تلك الأفلام التى تقدم لنا أسرًا مريضة أو مفككة، وكأنها القاعدة وليست الاستثناء، فلها تأثير سلبى خطير فى تكوين شباب لا يؤمن بالالتزام المقدس بالشريك الآخر، ويرى فى التفكك والطلاق والخيانة الزوجية، أمورًا عادية وشائعة، فلماذا يجهد نفسه

 

هو فى حياة العفة والبذل والاستقامة، ما دام الانحراف هو السائد؟!.

 

5- التأثير المجتمعى:

 

ونقصد به التأثير فى الجماعة الوطنية كلها، على امتداد الوطن بأسره. وهنا نجد الكثير من القضايا الهامة التى يجب أن يقدمها الإعلام بأسلوب إيجابى، وهذه بعض الأمثلة:

 

أ- الإيمان بالله: فى مواجهة أنواع الإلحاد المعاصر، فهناك من لا يؤمنون بوجود الله، وهناك من يرفضون الله، وهناك من يقولون: لا ندرى، وهناك رواد مسرح العبث فى فرنسا، الذى ينكر وجود الله، ويؤكد - فى جهالة - استحالة الوصول إليه. أضف إلى ذلك الماركسية الملحدة، والمادية، ومذاهب الحلول الإلهى فى الكون (Pantheism)، التى تتصور كل شىء جزءا من الله: الإنسان والجماد والنبات وكل الكائنات..

 

ب- القيم المشتركة: وما أكثرها، سواء قيم الفضيلة على المستوى الفردى والعائلى والعام، مثل المحبة، ونشر الخير، والشجاعة، والشهامة، والإيثار، والتضحية، والعفاف، والإخلاص، والوفاء، ونشر السلام، والصلاح، وغير ذلك من فضائل يمكن عرضها فى قصص وأفلام قصيرة، وبطريقة درامية مؤثرة، تغيِّر الأجيال الصاعدة، نحو الأفضل.

 

ج- التاريخ المشترك: والكفاح الوطنى للجماعة المصرية ضد أشكال الاستعمار: الإنجليزى أو الفرنسى أو الإسرائيلى، وكيف عملنا معًا للخلاص منه. بل حتى فى حروب الفرنجة، التى تسمى خطأ بالحروب الصليبية، ناضل الأقباط مع إخوتهم المسلمين ضد المستعمر الغربى، الذى كان يتشدق بالصليب، ليستعمر البلاد، والصليب منه براء! وقد أُعجب صلاح الدين الأيوبى بتلك الروح الوطنية للأقباط، فأهداهم دير السلطان بالقدس، تقديرًا لدورهم معه، فى النضال ضد الاستعمار.

 

د- القضايا الاجتماعية: كالبطالة والفقر والمرض، وكيف يمكننا مكافحة كل ذلك من خلال جهود مشتركة مبتكرة، يسهم فيها الكل. كذلك قضية محو الأمية وختان الإناث والثأر والخرافات والغيبيات والسحر والأعمال.. وغير ذلك من أمور تهم الجميع، ونحتاج فيها إلى توعية شاملة.

 

ه- مكافحة الآفات الضارة للإنسان: مثل السجائر (وما يتبعها من سرطان فى الرئة وأمراض فى القلب والمعدة، وسلب للإرادة والمال، وإيذاء للآخرين فيما يسمى التدخين السلبى.. أو المخدرات (التى تحدث تآكلًا فى المخ، وانعزالاً عن المجتمع والأسرة، وأعراض انسحاب مدمرة، ونهايات قاتلة بالسجن أو الموت). ويمكننا تقديم دراسات مشتركة شعبية حول الخمور والمسكرات (وما تحدثه من سرطان فى الكبد).. أو السلوك الجنسى المنحرف، خارج الزواج، أو من خلال الجنسية المثلية، وما يستتبع ذلك من الأمراض المنقولة جنسيًا (Sexually Transmitted Diseases) مثل الزهرى والسيلان والهربس والكالاميديا والإيدز...).

 

و- القضايا الوطنية: التى نتبناها جميعًا مثل القضية الفلسطينية، والعراق، والشرق الأوسط الكبير، ومكافحة الإرهاب العالمى، وغير ذلك من قضايا نتفق عليها جميعًا، وندعمها بكل ما نستطيع.

 

■ ■ ■

 

إن تأثير الإعلام والتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى على المجتمع غاية فى القوة والخطورة. لذلك ينبغى أن يكون وراء كل هذا - إن امكن - عقل جمعى حكيم، يخطط له فكريًا، ويحول الأفكار البناءة إلى برامج وأفلام ومسلسلات، تبنى الإنسان المصرى، وتدفعه فى طريق النمو والتقدم والإنتاج.

 

وهنا يأتى السؤال: ما هو سرّ قوة تأثير وسائل الإعلام؟.. هذا حديثنا القادم إن شاء الله.

 

* أسقف الشباب العام

 

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.