راعى كنيسة شيكاغو: دروس روحية من وحى مباريات كأس العالم
07.12.2022 12:50
اخبار الكنيسه في المهجر Church News in Immigration Land
الدستور
راعى كنيسة شيكاغو: دروس روحية من وحى مباريات كأس العالم
حجم الخط
الدستور

أطلق القمص يوحنا نصيف، راعي كنيسة السيدة العذراء مريم للأقباط الأرثوذكس بولاية شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، دراسة عن الدروس الروحية المستفادة من مباريات كأس العالم.

وقال في دراسته التي نشر جزء منها عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: أُتيح لي أن أتابع بعض أجزاء من مباريات كأس العالم لكرة القدم 2022م.. وقد لفت نظري الكثير من الأمور الجميلة التي أُعجِبت بها، والتي أرى أنّ لها فائدة روحية أيضًا لكلّ مَن يريد أن يستفيد..

الرياضة هي رحلة كفاح، ويلزمها الكثير من الجِديّة والانضباط وإنكار الذات والحُبّ والأداء الجماعي المنسجم.. هي نموذج لرحلة جهادنا الروحي في غُربة هذا العالم، من أجل الوصول إلى الأمجاد السماوية..

أحاول في هذا المقال أن أستعرض بعض العوامل التي تساعد على تحقيق النجاح في الرياضة، وكيف يمكن أن نستفيد بها في حياتنا الروحية:
1- روح الانتماء..
   فكلّما كان الحِسّ الوطني عاليًا عند اللاعبين، فهذا يساعد على إعطائهم قوّة دَفع لإسعاد شعبهم ورفع اسم بلدهم عاليًا.. هكذا في الحياة الروحية، فنحن أصبحنا ننتمي للسماء بعد أن نلنا الميلاد الثاني من فوق بالماء والروح، وهذا الارتباط بالسماء يتقوَّى بالصلاة والأصوام وعمل الرحمة والتسبيح وعِشرة القديسين والملائكة.. وهو أيضًا يعطينا قوّة دفع للنمو الروحي، واحتقار أباطيل العالم الزائلة، ومواصلة الجهاد حتى لا نفقد ميراث الملكوت.
2- روح الحُبّ..
   هذا ضروريٌّ بين الجميع لاعبين ومدرِّبين وإداريين، ليكونوا قلبًا واحدًا يساندون بعضهم بعضًا من أجل تحقيق الهدف.. وهكذا أيضًا في حياتنا الروحية، فإنّ بَرَكة الله ونعمته تنسكب علينا إذا كُنَّا نحب بعضنا بعضًا.. نغفر ونحتمل ضعفات الضعفاء، ونترفّق بالجميع، ونبذل بصدق من قلوبنا من أجل الخير ومن أجل البنيان.
3- الجديّة..
   لعلّنا شاهدنا كيف أنّ الفِرَق تقاتل في الملعب، وتلتزم بكلّ دِقّة بتعليمات المدرِّب، ولا تستهين بأيّة مواجهة.. هكذا في الحياة الروحية، نحتاج دائمًا للجدّيّة والانضباط في كلّ أعمالنا، كقول الكتاب: "كلّ مَن يجاهد يضبط نفسه في كلّ شيء" (1كو25:9)، وأن نلتزم بتعليمات الإنجيل، وتوجيهات أب الاعتراف.. كما لا يجب أن نَغْفَل أو نتساهل مع أيّ خطيّة تبدو صغيرة، لأنّها قد تتسبّب في هلاكنا الأبديّ وخسارة كلّ شيء..!
4- التركيز في مواجهة الواقع..
   نحن نرى الفِرَق الناجحة تلعب كلّ مباراة بتركيز شديد وكأنها مباراة البطولة.. لا تنظر إلى ما فات من لقاءات، ولا إلى ما سيأتي. بل تُرَكِّز فقط في المواجهة الحالية، لكي تستطيع أن تتجاوزها إلى الأدوار التالية.. وهذا أيضًا مبدأ مهم في الحياة الروحية، ويطلق عليه الآباء "تقديس اللحظة الحاضرة"؛ بمعنى الاهتمام بالاستفادة من الوقت الحالي في التوبة والمتاجرة بالوزنات، بعيدًا عن الغرق في أحداث ماضية، أو الطيران في خيالات مستقبلية..!
5- إنكار الذات من أجل خدمة الجماعة..
   إنّ الجماعية في الأداء تجعل الفريق كتلة واحدة قويّة متماسكة دفاعًا وهجومًا، بخلاف الفرديّة في الأداء التي تكون وبالاً على الفريق..
   في الواقع إنّ إنكار الذات شيء صعب، ولكنه يصير مرغوبًا فيه ومحبوبًا عندما نرى ثمرة التدريب عليه والالتزام به..!
   هكذا في الحياة الروحية يجب أن نفهم أنّنا أعضاء بعضنا لبعض في جسد المسيح الواحد وعلى قدر ما ننكر ذاتنا ونتعاون مع بعضنا البعض في خدمة الجسد الواحد على قدر ما ننمو ونفرح.. أمّا في غياب إنكار الذات فستظهر الانقسامات والصراعات التي لا حصر لها في الكنيسة..
   لذلك نحتاج في جهادنا الروحي أن نُدَرِّب أنفسنا على إنكار الذات، ونرفض حُبّ الظهور، والفرديّة، وحُبّ السُّلطة والمناصب، وحُبّ المتّكأ الأول والنصيب الأكبر، لكي يستطيع الله أن يعمل فينا ويوظِّف طاقاتنا لخدمة جسده الواحد..!
6- التخطيط والتنظيم الجيد..
   هذا عنصر هام وضروريّ للنجاح، لأنّ العشوائية لا يمكن أن تثمر نجاحًا في أيّ شيء..
   أعتقد أنّنا نفهم هذا جيّدًا في مسيرتنا الروحيّة، التي تحتاج باستمرار لنظام دقيق في التغذية الروحيّة؛ من صلوات وقراءات وسماع عظات.. مع الالتزام ببرنامج للقدّاسات والأصوام والاعترافات.. بالإضافة إلى التدقيق في الكلام والسلوك ليكون موافقًا لوصايا الإنجيل.. ودون هذا النظام نضعف وينحدِر مستوانا..!
7- بذل كلّ الجهد..
   نرى هذا واضحًا في معظم الفِرَق، فاللاعبون يبذلون كلّ طاقتهم ولا يبخلون بأيّ نقطة عرق، من أجل الفوز والحصول على الجائزة الكبرى أو الإكليل أو الكأس الموضوعة أمامهم..!
   هكذا يوصينا الروح القدس على فم القديس بولس الرسول: "اركضوا لكي تنالوا.. أولئك (الرياضيون) فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى، وأمَّا نحن فإكليلاً لا يفنى" (1كو24:9-25).. بمعنى أن نجتهد جدًّا في حياتنا الروحية، لكي ننال إكليل الحياة..
   هكذا يوصينا الإنجيل دائمًا ببذل كلّ الجهد:
"اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق" (لو24:13)،
"وأنتم باذلون كل اجتهاد قدِّموا في إيمانكم فضيلة.." (2بط5:1)،
"اجتهدوا .. أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين" (2بط10:1).. 
   لعل هذه بعض أسرار النجاح التي يمكننا أن نحتضنها في قلوبنا، ونتمسَّك بها في سلوكنا، لكي نفوز بكأس الحياة الأبدية..!

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.