
عندما تحاور مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، تجد نفسك أمام مشهد معقد للأزمة السورية، بدءًا من ما قبل الثورة السورية وما بعدها، وصولًا إلى قيام الحكومة الانتقالية وتعيين أحمد الشرع/ أبومحمد الجولاني قائدًا ورئيسًا لسوريا اليوم.
وزير الدفاع الإسرائيلي.. القناع سقط عن الشرع/ الجولاني
في ظل الأوضاع التي تشهدها سوريا والمنطقة، تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي استغلال العمل السياسي، الأمني والعسكري، وفقًا لتصريحات مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، الذي يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على توسيع نفوذه الإقليمي والسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية بحجة حماية أمنه القومي.
وأوضح عبدالرحمن أن التهديدات الإسرائيلية للسلطة القائمة في سوريا كانت قائمة قبل وقوع المجازر، ولكن بعد حدوثها، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن "القناع قد سقط عن الجولاني".
أما عن احتمال اجتياح إسرائيلي، فرأى أن هذا الاحتمال بعيد جدًا، لكنه في حال حدوثه، فسيكون بمثابة خسارة لسوريا.
إبادة وتطهير عرقي في سوريا
يرى عبدالرحمن أن ما يجري اليوم في الساحل السوري يعدّ إبادة وتطهيرًا عرقيًا أمام مرأى ومسمع العالم بحق مكون أصيل من مكونات سوريا.
ويضيف في حواره مع "الدستور": "قبل أن نتحدث عن العواقب، علينا توصيف ما يجري بحق أبناء الطائفة العلوية"، محذرًا من أن التعامل غير الحكيم مع هذه التطورات قد يؤدي إلى عواقب كارثية، تتمثل إما في سيناريو التقسيم الذي يخشاه السوريون أو في استمرار المجازر والإبادات الجماعية.
وكشف مدير المرصد أن التقارير توثق حتى الآن مقتل أكثر من 745 شخصًا من الطائفة العلوية، مرجحًا أن العدد الحقيقي قد يتجاوز الألف، مع محاولات إخفاء الجثث ودفنها لتقليل أعداد الضحايا الظاهرة.
السلطة القائمة مسئولة عن المجازر بحق أبناء الطائفة العلوية
عند سؤاله عن الجهة المسئولة عن مجازر الساحل السوري، خاصة تلك التي استهدفت أبناء الطائفة العلوية، أكد عبدالرحمن لـ"الدستور" أن السلطة القائمة تتحمل المسئولية الكاملة، حيث وقعت هذه المجازر أمام أنظارها، وسط حملات تجييش طائفي وصلت إلى حد دعوات الجهاد في المساجد.
دور فصيل العمشات والحمزات
يتابع المرصد السوري أوضاع السكان في مختلف المحافظات السورية، حيث وصف عبدالرحمن الوضع في الساحل السوري بأنه "كارثي ومأساوي"، مع تصاعد التهديدات والانفلات الأمني الذي تمارسه الفصائل المنضوية تحت مظلة وزارة الدفاع، مثل فصيلي "العمشات" و"الحمزات"، اللذين سبق وارتكبا مجازر في عفرين، والآن يعيثان فسادًا في الساحل السوري، بمشاركة عناصر أجنبية من الأوزبك والشيشان.
ووجّه عبدالرحمن سؤالًا مباشرًا عبر "الدستور" إلى الرئيس أحمد الشرع، متسائلًا: "لماذا يرسل عناصر أجنبية بخلفيات تكفيرية إلى سوريا؟"، مشيرًا إلى أنهم لا يستهدفون فقط الطوائف الأخرى، بل حتى المسلمين السنة المعتدلين، ويتم إرسالهم بأرتال عسكرية إلى الساحل السوري، متسائلًا: "هل نتوقع من هؤلاء التكفيريين أن يوزعوا الورود على الأهالي؟".
وأضاف أن الوضع لا يزال كارثيًا، وأن سكان قرى بانياس يفرّون إلى البساتين خوفًا من مجازر جديدة.
نتائج حل الجيش السوري
أوضح عبدالرحمن أن الأزمة الحالية تعود جزئيًا إلى حلّ الجيش السوري واستبداله بجيش جديد ذي خلفيات فصائلية متطرفة، إضافة إلى الفراغ الأمني الناتج عن تسريح عدد كبير من الضباط وأفراد الشرطة، ما خلق بيئة خصبة لفلول النظام السابق لاستغلال الوضع ومهاجمة الحواجز الأمنية التابعة للسلطة الحالية.
وتساءل: "هل الخلل أمني من داخل وزارة الداخلية؟ أم أن هناك أطرافًا تحرك هذه الفلول؟"، مشددًا على أن نتائج هذا الوضع خطيرة جدًا.
التدخل الدولي وارد في المستقبل
نفى عبدالرحمن وجود تدخل دولي مباشر في الساحل السوري في الوقت الحالي، لكنه لم يستبعد حدوث ذلك مستقبلًا، مشيرًا إلى أن تركيا قد تتدخل تحت ضغط العلويين الأتراك الذين يطالبون حكومتهم بحماية العلويين في سوريا.
وكشف عبدالرحمن أن وفدًا من أهالي جبلة توجه مؤخرًا برفقة القوات الأمنية لإعادة العائلات التي لجأت إلى قاعدة حميميم، لكن أحد القادة الأمنيين قال لهم بوضوح: "ممنوع طلب الحماية من أي جهة باستثناء تركيا".
إسرائيل تستغل الوضع السوري لتوسيع نفوذها
في سياق التطورات السياسية، أكد عبدالرحمن أن إسرائيل تستغل الأزمة السورية لتعزيز نفوذها الإقليمي، بحجة حماية أمنها القومي.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أطلق تهديداته للسلطة القائمة حتى قبل وقوع المجازر، لكنه عاد بعد المجازر ليؤكد أن "القناع قد سقط عن الجولاني".
وفي ختام حديثه لـ"الدستور"، شدد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان على أن التدخل الإسرائيلي المباشر، في حال حدوثه، سيعني خسارة سوريا بالكامل.