الرهبنة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
07.03.2019 16:12
تقاريركم الصحفيه Your Reports
وطني
الرهبنة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
حجم الخط
وطني

منذ أن تطلع فجر السيحية حين نادي بصوته الصارخ في البرية مناديًا لبشارة الخلاص كان يوحنا المعمدان كارز العهدين يتجلى بأبهى صور الرهبنة يسلك الصحراى متخليًا عن إحتياجات الجسد لايفكر في كونه ابن اعظم كهنة إسرائيل زكريا الكاهن لا يرغب في نفوذه ككاهن لاسلافه وانما ذهب ليبحث عن الواحد محور الكون وباريه الله ، ومن هذا المنطلق كان الصوت الحماسي الذي يدعو البشر لسبل الهدايا والإيمان بالحياة الجديدة فصار مفتاح تحقيق النبوات بمجئ المسيا المخلص ومن هنا كان إشراق لفجر الرهبنة في الكنيسة.

هذا باللإضافة إلى الجانب الأساسي ان السيدة العذراء مريم هي نبراس الرهبنة كأم لكل البتوليين، وان صورتها وسيرتها وشخصيتها هى النهج الذى على أساسه قامت الحياة الرهبانية والديرية.

الرهبنة في الكنسة الأرثوذكسية تعتمد ان الانسان يعيش حياة البتولية لا يتزوج وان يختار ان يعيش فقيرًا لا يمتك اي مقتنيات سواء مال او نفوذ والطاعة وكل هذه السمات نبعها هو شخص السيد المسيح هو مصدر الحياة الرهبينة البتولية والفقر والطاعة اي ذبح المشيئة اي لا يكون للانسان رغبة سوى ما يأمره به الله..

فبعد أن مرت عصور الإضطهاد والإستشهاد التي عاينتها الكنيسة في القرون الأولى كان المسيحيون يشتاقون أن يقدموا أرواحهم ذبيحة حب وحياة التخلي وإنكار الذت التي يعيشها الراهب تعد من أهم صور الإستشهاد اذ تنطلق روحه إلى الخلاء سابحة في الصلوات والتسايح متنوهة عن أمور العالم وهذا ماعبرت عن احدي البشاير في العهد الجديد اذ قالت:”ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يُؤدي إلى الحياة”( مت 7: 14).

وعن كتاب كيف بدأت الرهبنة في المسيحية – لنيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط ورئيس دير القديسة دميانة بالبراي الراحل ذكر أن الرهبنة لم تبدأ في القرن الرابع بالقديس الأنبا أنطونيوس كما يشيع البعض وإنها بدأت مع بداية الكنيسة في العهد الجديد، بل لها جذورها في العهد القديم كما سبق أن أوضحنا، وسوف تستمر هذه الجذور فاعله ومؤثرة إلى مجيء الرب في هذا العالم.

الرهبنة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

القديس أنطونيوس الذى عاش فى القرن الرابع الميلادى، هو مؤسس الرهبنة فى مصر، حيث كانت الرهبنة تقتصر قبل ذلك على متوحدين يسكنون الصحراء فرادى، وكما هو بارز في ذاكرة التاريح أن مصر هي أصل الرهبنة ووتجاوز عدد اديرتها أكثر من ستين ديرًا للرهبان والراهبات بخلاف الاديرة الارثوذكسية في بلاد المهجر.

فمهما ان تجاسرت خطايا البشر وضعفاتهم يستحيل أن تقهر جسور الرهبنة القبطية الأرثوذكسية التي أستمرت آلاف السنين حيث انها وقود الكنيسة و المحرك الاساسي لها فكل البطاركة ومطارنة الكنيسة المسؤلين عنها رهبان يجيدون الصلاة والتخلي غير طامعين في نفوذ هذا العالم لذلك تستمر الكنيسة القبطية الارثوذكسية بقوة بوعد الله لها بأن ابواب الجحيم لن تقوي عليها..

لذلك تضع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عددا من الشروطً التي يلزم توافرها في الشخص المتقدم للرهبنة حسب النظام الذي تبعه الدير ويتم سيامة الراهب على مراحل ثلاثة.

الاولي هي ان يتقدم طالب الرهبنة بالتردد على الدير الذي يرغب الالتحاق به في فترات خلوة متقطعه ومستمرة بعد ان ينهي فترة دراسته غالبًا ولديه عمل ويشرف عليه احد الاباء الكبار في الدير واب اعترافه ليكون متأكد ان هذا هو الطريق الذي يسلكه.

وبعد اتخاذ قرار دخول الديرلطالب الرهبنة يترك الشاب عمله وأسرته ولا يجوز الرهبنة بعد سن 30 عاماً ولا يقل عن 23 عامًا.

ثم يستمر طالب الرهبنة ثلاث سنوات فى ملابس بيضاء، يمتحن فيها نفسه، ويمتحنه فيها الدير.. فإذا ما استراح هو، واستراح رئيس ومجمع الدير له، تتم رهبنته، ويلبس الملابس السوداء، والقلنسوة التى تحمل 12 صليباً تمثل الأثنى عشر تلميذاً،وصليب من خلف الرأس يرمز للمسيح وهذه إشارة إلى أنه متشبع بفكر المسيح والرسل، وحياتهم المقدسة. وتتلى فى الصلوات طلبة الراقدين (أى الموتى)، علامة أن هذا الإنسان مات عن العالم والمادة والأرضيات، ليحيا لله والملكوت السماوى. بعد الرهبنة يكون الراهب تحت إرشاد مباشر من أب روحى وتحت ملاحظة مستمرة من إدارة الدير، سواء فى حياته الدينية، أو فى خدمته بالدير، أو فى المسؤوليات التى تسند إليه.

ويلتزم الراهب بعدد من المسؤليات تستند إليه فمثه مثل العامل ا الموظف في العالم يشقى ويأكل من عرق جبينه يخرج بعد ذلك الرهبان إلى العمل اليومى مثل العمل الزراعي والتنموي، الارشاد السياحي اذ يعرف الزائرين على معام الدير، ويقوم الراهب ايضًا بالعمل في المخبز والمصانع الصغيرة للمواد الغذائية ف الدير والإشراف على اعمال البناء والتعمير، هذا بجانب الدراسات التي يلتحق بها الراهب في كليات اللاهوت وغيرهاكما يقوم بإجراء دراسات وحفريات تحت إشراف هيئة الآثار، وقد تمت اكتشافات مهمة كثيرة فى هذا الميدان.

إن الرهبنة فى جوهرها هى الانحلال من الكل، للارتباط بالواحد أى الابتعاد عن البشر جميعاً، حباً فى الله، واكتفاء به تعالى.

كل هذا لا يسعنا من سطور ان نخبر بأمجاد الحياة الرهبنة التي لها كل الفضل في نمو الكنيسة حتى وان بادت بعض الضعفات من صغار النفوس وهذا لا عني ان الرهبنة ضعفت او تتلاشى بل هي حصن حصين لكل المؤمنين على مر العصور فإن الرهبنة الأرثوذكسية لن تهدم بعد.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.