مقبرة جماعية ومدن أشباح.. صور صادمة لغزة بعد الحرب
06.08.2025 06:53
اهم اخبار العالم World News
الدستور
مقبرة جماعية ومدن أشباح.. صور صادمة لغزة بعد الحرب
Font Size
الدستور

أنقاض ورماد وغبار، وكأنه مشهد يحاكي بقايا حضارة قديمة تم اكتشافها للتو بعد قرون من النسيان، وليس قطاعًا يعيش فيه أكثر من 2 مليون شخص تحت وطأة حرب وحشية لقرابة 22 شهرًا، فمن السماء تظهر غزة وهي عبارة عن رقعة ممتدة من الهياكل الخرسانية المتناثرة، وجدران محطمة، وأحياء مليئة بالحفر والركام، وطرق تنتهي إلى العدم.

وبحسب صحيفة الجارديان" البريطانية، فإنه لا أثر لحياة كانت عامرة قبل أقل من عامين، ولا أثر لكارثة طبيعية أو لعوامل الزمن، بل هو أثر قصف متواصل وعمليات عسكرية إسرائيلية حولت غزة إلى ما يشبه المشهد ما بعد القيامة.

رحلة فوق أنقاض حرب غزة 

وتابعت الصحيفة أنه خلال مهمة أردنية لإسقاط المساعدات الإنسانية، تم رصد القطاع الذي تحول إلى أنقاض، وحملت طائرة المساعدات نحو 3 أطنان من المساعدات– كمية ضئيلة مقارنة بحجم الحاجة الإنسانية– وأتاحت الفرصة لالتقاط مشاهد نادرة من الجو لمنطقة مغلقة أمام وسائل الإعلام الدولية منذ السابع من أكتوبر 2023، حين منعت إسرائيل دخول الصحفيين الأجانب في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحروب الحديثة.

من ارتفاع يقارب 600 متر، ظهرت بوضوح معالم أشد المواقع تضررًا، حيث تُقرأ ملامح الكارثة على هيئة مبانٍ متصدعة، أحياء مدمرة بالكامل، وطرقات مثقوبة بالحفر الناتجة عن القصف. 

 

ومن خلال عدسة مقربة، بدت مجموعة صغيرة من السكان واقفين وسط هذا الخراب، كأنهم الأحياء الوحيدون في مدينة أشبه بمقبرة جماعية أو مدن تسكنها الأشباح.

وبحسب الصحيفة، فإن هذه المشاهد التي التُقطت من الجو توثق بصمت مواقع تم قصفها ومحاصرتها، ووثقها ميدانيًا صحفيون فلسطينيون دفع كثيرون منهم حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، أكثر من 230 صحفيًا فلسطينيًا استشهدوا منذ بداية الهجوم الإسرائيلي، ودفن معظمهم في قبور جماعية حفرت على عجل.

وفي مشهد مهيب، ومع اقتراب الطائرة من أجواء مخيم النصيرات، تم فتح الباب الخلفي للطائرة، وانزلقت منها حاويات المساعدات المحمولة على مظلات، لتبدأ في الهبوط نحو الأرض، حاملة أمل الغذاء لأناس يطاردهم شبح المجاعة.

وجاء في بيان صادر عن الجيش الأردني: "مع عملية الإنزال الجوي اليوم، نفذت القوات المسلحة الأردنية– الجيش العربي– 140 عملية إنزال منفردة، إضافة إلى 293 عملية بالتعاون مع دول أخرى، أوصلت خلالها نحو 325 طنًا من المساعدات منذ استئناف الإنزالات في 27 يوليو".

وأكدت الصحيفة البريطانية أنه رغم أهمية هذه الجهود، إلا أنها غير كافية بالمرة، كما أن وكالات الإغاثة تحذر من اتساع رقعة الجوع بسرعة مقلقة، فعمليات الإنزال الجوي تُعد مكلفة، وغير فعالة مقارنة بالقوافل البرية التي تنتظر على الجانب المصري التي يمكن أن تنقل مساعدات أضعاف ما يُسقط من الجو، ولكن ترفض إسرائيل إدخالها.

وتشير بيانات إسرائيلية إلى أن الإنزالات التي جرت خلال 104 أيام من الحرب وفرت ما يعادل 4 أيام فقط من الغذاء للسكان.

كما أن لهذه العمليات تبعات مميتة؛ ففي العام الماضي، غرق ما لا يقل عن 12 شخصًا أثناء محاولتهم استعادة مساعدات سقطت في البحر، كما لقى 5 آخرون مصرعهم بعد سقوط الحاويات عليهم.

شهادات صادمة من غزة

عند مرور الطائرة فوق مدينة دير البلح في وسط القطاع، ظهر حي البراكة، حيث استشهدت الطفلة يقين حماد (11 عامًا)– أصغر مؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي بغزة– في 22 مايو، بعد أن استهدفت غارات إسرائيلية منزلها أثناء سقيها الزهور في رقعة خضراء صغيرة وسط مخيم للنازحين.

 

بعدها، مرت الطائرة قرب خان يونس، المدينة الجنوبية المحاصرة، التي شهدت قتالًا شرسًا داخل مستشفياتها، كان في أحد ضواحيها الشمالية، منزل الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، طبيبة الأطفال في مجمع ناصر الطبي، والتي تم قصف منزلها وهي في عملها في شهر مايو، لتفقد زوجها وتسعة من أطفالها العشرة في الهجوم.

من الجو، بدت غزة صغيرة بشكل مذهل– رقعة ضيقة من الأرض لا تتجاوز ربع مساحة لندن الكبرى، لكنها تحولت إلى ساحة لأحد أكثر الصراعات دموية في العالم. 

وبحسب سلطات الصحة المحلية، فقد استشهد أكثر من 60 ألف فلسطيني جراء الضربات الإسرائيلية، ويعتقد أن عشرات الآلاف الآخرين لا يزالوا تحت الأنقاض.

في تلك اللحظات، وبينما الطائرة تحلّق فوق غزة، كانت الصحفية الغزاوية ملك تنتيش– مراسلة "الجارديان" والناجية من الحرب– ترسل تقاريرها من تحت الطائرة مباشرة، معظم زملائها لم يلتقوها بعد، بسبب الحصار الذي يمنع سكان القطاع من الخروج، تعيش متنقلة بين مناطق النزوح، بلا طعام كافٍ أو مياه، وقد فقدت أقاربها ومنزلها في القصف.

وقبل العودة إلى الأردن، أشار أحد الجنود من نافذة الطائرة نحو الجنوب قائلًا: "هذه رفح"، المدينة التي دمرت بالكامل تقريبًا، والتي شهدت استشهاد المئات في صراعات على الطعام منذ أن تولت "مؤسسة غزة الإنسانية"– المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة– مسئولية توزيع الغذاء في مايو.

وبالقرب منها، وفي تلال حفرتها القذائف، يقع الموقع الذي تعرضت فيه قافلة إسعاف فلسطينية لهجوم عسكري إسرائيلي في 23 مارس، ما أسفر عن استشهاد 15 مسعفًا وعاملًا في الإغاثة، دُفنوا لاحقًا في قبر جماعي.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.