عام على احتجاجات لبنان: اليأس يسيطر مع تراجع آمال التغيير
18.10.2020 04:29
Middle East News انباء الشرق الاوسط
مصراوى
عام على احتجاجات لبنان: اليأس يسيطر مع تراجع آمال التغيير
حجم الخط
مصراوى

تدفق آلاف المتظاهرين الشباب إلى ساحة النور بطرابلس قبل عام، وهي المظاهرات التي تحولت إلى حفل راقص مهول.

فقد انتشرت الموسيقى حول الميدان، وأضاءت المشاعل سماء الليل، وهتف المتظاهرون بحرارة: "ثورة.. ثورة.. ثورة".

لقد أرادوا العمل، وأرادوا الخدمات الاجتماعية، وأرادوا وضع حد للفساد الرسمي المتفشي.

وعلى شرفة تطل على الميدان وقف مهدي كريمة، الذي أطلق عليه فيما بعد اسم "دي جي الثورة".

ويقول كريمة، وهو مبرمج كمبيوتر يبلغ من العمر 30 عاما: "كانت أعظم لحظة في حياتي". كانت تصرفاته عفوية مثل مئات الآلاف من اللبنانيين الذين تظاهروا في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد مطالبين بإسقاط حكومتهم.

يتذكر كريمة تلك اللحظات قائلا: "كنت أشرب القهوة مع أصدقائي ورأيت أشخاصا يمرون في الشارع يحملون الأعلام اللبنانية عندما خطرت لي فكرة إقامة حفل موسيقي".

جاء المتظاهرون من جميع مشارب الحياة ومن جميع الأديان، وتجاوزوا الانقسامات الطائفية التي هيمنت على الحياة اللبنانية لفترة طويلة.

وللحظة، اعتقد جيل الشباب أن التغيير السياسي الدائم قد يكون قاب قوسين أو أدنى.

وساعدت موسيقى مهدي كريمة في تحويل طرابلس، أفقر مدن لبنان إلى بؤرة للمظاهرات.

وقال كريمة، وهو يقف في الشرفة حيث نصب أدواته لأول مرة قبل عام: "إنها المرة الأولى لي هنا منذ الاحتجاجات".

وأضاف قائلا:"بصراحة، أشعر بالتوتر ولكني سعيد في نفس الوقت، فمجرد الوقوف هنا يجعلني أشعر وكأنني على وشك البكاء".

وقد اندلعت الاحتجاجات الضخمة عندما اقترحت الحكومة، التي تسعى جاهدة لزيادة الإيرادات، فرض ضريبة على المكالمات الصوتية عبر خدمات المراسلة النصية مثل واتسآب.

لكن الواقع أن المظاهرات كانت تمردا ضد النخبة السياسية الفاسدة التي لم تقدم أي خدمات عامة تقريبا. واختلطت ذكريات مهدي السعيدة عن الاحتجاجات بمشاعر الغضب التي يشعر بها بسبب تدهور الوضع في لبنان بسرعة.

ويقول: "نحتاج إلى النزول إلى الشوارع الآن أكثر من أي وقت مضى، لقد كان الوضع قبل عام أفضل مما هو عليه الآن".

ومن الصعب تخيل سنة أكثر رعبا للبنان، وبدون حرب.

فلبنان في حالة انهيار اقتصادي بعد أن أدارت البنوك في البلاد ما يرقى فعليا إلى مخطط بونزي.

وتبع ذلك وباء فيروس كورونا ثم الانفجار المدمر في ميناء بيروت الذي كشف جوهر الدولة اللبنانية حيث الفساد وانعدام الكفاءة.

لقد كان الانفجار الذي وقع في 4 أغسطس الماضي ناجماً عن عن تفجير ما يقرب من 2750 طنا من نترات الأمونيوم كانت مخزنة، لسبب غير مفهوم، في الميناء لسنوات بمعرفة كاملة من السلطات.

وقد أسفر الانفجار عن مقتل ما يقرب من 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين.

وعلى الرغم من المطالب المتكررة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقادة لبنان بإصلاح النظام، فقد دأبت الطبقة السياسية في البلاد على ممارسة العمل كالمعتاد إلى حد كبير.

والنظام السياسي في لبنان مبني عل اتفاق أنهى الحرب الأهلية في البلاد عام 1990 لكنه رسخ الطائفية والمحسوبية.

فقط للتأكيد على الطبيعة السياسة هنا والتي تتسم بالجنون، ينظر الآن لرئيس الوزراء السابق سعد الحريري الذي استقال في مواجهة الاحتجاجات قبل عام، باعتباره خليفة للرجل الذي حل محله والذي تنحى أيضا بعد انفجار بيروت.

كما أصبح لبنان عالقا بشكل متزايد في الصراع الإقليمي بين أمريكا وإيران.

ويعد حزب الله المدعوم من إيران أقوى منظمة سياسية وعسكرية في لبنان.

وفرضت الولايات المتحدة في الشهر الماضي عقوبات على وزيرين سابقين في الحكومة اللبنانية بزعم تقديم دعم مادي للحزب.

ولكن للمفارقة، ولأن الوضع سيء للغاية يجادل بعض المتظاهرين مثل لينا بوبس بأن ذلك في الواقع مدعاة للأمل.

وتقول بوبس، البالغة من العمر 60 عاما والتي توجد عادة في الخطوط الأمامية لأي احتجاج: "عليك أن تبدأ من مكان ما، لا تنسى أننا نتعامل مع 30 عاما من الفساد".

وتضيف قائلة:"كل سياسيينا فاسدون، لذلك عليك العمل من الأسفل".

وتستطرد قائلة:"هذا الجيل، ليس لديه ما يخسره، من الآن فصاعدا، لن يظل صامتاً، لن يصمت كما فعل من قبل".

لكن آخرين لا يشاركون لينا شعورها الطاغي بالتفاؤل، فلقد أفسحت النشوة الفرح خلال الاحتجاجات العام الماضي المجال لإحساس أعمق وأكثر قتامة باليأس.

ويقوم العديد من اللبنانيين الذين لديهم خيار مغادرة البلاد بمغادرتها. ويتزايد الخوف هنا من أنه بدون دعم دولي فإن لبنان سيتحول بسرعة إلى دولة فاشلة.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.