
وسط مشاعر من الألم العميق والصدمة الممزوجة بالاستنكار الشديد، أصدرت مطرانية حمص وحماه وطرطوس للسريان الأرثوذكس بيانًا عبّرت فيه عن إدانتها الكاملة والمطلقة للحادثة الأليمة التي طالت واحدًا من أقدس الرموز المسيحية في المدينة، حيث تعرّض الصليب المقدّس المثبّت على واجهة كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار – والتي تعد من أعرق المعالم الدينية الأثرية في مدينة حمص – لإطلاق نار آثم في ساعات الفجر الأولى من يوم الأحد الواقع في 8 يونيو 2025، من قبل جهة مجهولة حتى اللحظة.
وقالت المطرانية في بيانها: “إن هذا العمل المشين، الذي يستهدف بشكل مباشر حرمة دور العبادة ويمسّ بحرية الإيمان ومقدسات المسيحيين في الصميم، لا يمكن وصفه سوى بأنه جريمة مدانة بكل المقاييس الدينية والإنسانية والوطنية. فهو اعتداء سافر لا يعبّر بأي شكل عن أخلاق أبناء مدينة حمص المعروفة بتنوعها الطائفي وبتاريخها العريق في التعايش، ولا يعبّر عن القيم التي يتبنّاها الشعب السوري بكافة أطيافه، بل يهدف بكل وضوح إلى زعزعة الاستقرار وبثّ بذور الفتنة في النسيج المجتمعي الذي لطالما تميّز بالتلاحم والوحدة.”
ورفعت المطرانية صوتها عاليًا ضد كل أشكال العنف والاعتداء، سواء الجسدي أو الرمزي، الذي يطال المقدسات الدينية، وشددت على أن المساس برمز إيماني كالصليب المقدّس هو مساس بالسلم الأهلي، وتهديد مباشر لأسس العيش المشترك الذي نحرص جميعًا على الحفاظ عليه، ونفخر به كميزة أساسية من ميزات الحياة السورية.
وطالبت المطرانية الجهات الحكومية والأمنية المختصة بالتحرّك العاجل وفتح تحقيق فوري وشامل لكشف ملابسات ما جرى، وتحديد هوية الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة دون أي تأخير. كما تدعو إلى اتخاذ إجراءات رادعة وصارمة تضمن عدم تكرار مثل هذه الأفعال التي لا تهدّد فقط حرمة الأماكن الدينية، بل تسعى أيضًا إلى تقويض الأمن المجتمعي وترهيب المواطنين وإثارة القلاقل.
وأكدت مطرانية حمص وحماه وطرطوس أنها تقف بثبات إلى جانب أبناء الكنيسة، وتدعوهم إلى التحلّي بالحكمة وضبط النفس في مواجهة هذه المحن، والابتعاد عن أي ردود أفعال قد تُستغل لإذكاء التوترات، مشدّدة على أن الحق لا بد أن يظهر، وأن العدالة الإلهية والإنسانية ستأخذ مجراها.
وتجدد المطرانية تمسكها التام برسالة المحبة والسلام التي بشّر بها السيد المسيح، مشيرة إلى أن مثل هذه الحوادث الأليمة لن تضعف من عزيمتنا، بل ستزيدنا إصرارًا على متابعة رسالتنا الروحية والإنسانية، القائمة على التآخي بين مكونات الشعب السوري كافة، وعلى التمسّك بوحدة الوطن وعشق ترابه الطاهر مهما اشتدت المحن وكثرت التحديات.
وفي ختام البيان، ترفع المطرانية صلواتها إلى الله العلي القدير، أن يحفظ سورية وأهلها من كل شر، وأن يزرع في القلوب نور المحبة الحقيقية، وينعم على البلاد بالأمن والسلام، ويبعد عنها شبح الفتن والأحقاد.